المولد والنشأة:

محمد رشيد بن على رضا .. وُلد في 27 جمادي الأول 1282هـ / 23 سبتمبر 1865 م بقرية القلمون – لبنان  وهي قرية تقع على شاطئ  البحر المتوسط  من جبل لبنان وتبعد عن عن طرابلس الشام بنحو ثلاثة أميال ، كان أبوه "علي رضا" شيخًا للقلمون وإمامًا لمسجدها، فعُني بتربية ولده وتعليمه  ، حفظ القران الكريم ومبادئ القراءة والكتابة والرياضيات ، إنتقل إلى طرابلس والتحق بالمدرسة الإبتدائية ثم المدرسة الوطنية الإسلامية بطرابلس التي كانت تهتم بتدريس اللغة العربية والعلوم الشرعية والمنطق وقد أسس هذه المدرسة وأدارها الشيخ ( حسين الجسر ) .

يعتبر محمد رشيد رضا مفكراً إسلامياً من رواد الإصلاح الإسلامي الذين ظهروا بداية القرن الرابع عشر الهجري وهو صحفيا وكاتبا وأديبا لغويا. هو أحد تلاميذ الشيخ ( محمد عبده ) وخليفته من بعده، حمل راية الإصلاح والتجديد، وبعث في الأمة روحًا جديدة، تُحرِّك الساكن، وتنبه الغافل، لا يجد وسيلة من وسائل التبليغ والدعوة إلا اتخذها منبرًا لأفكاره ودعوته ما دامت تحقق الغرض وتوصل إلى الهدف .

وخلاصة القول: إنه كان واحدًا من رواد الإصلاح الإسلامي الذين بزغوا في مطلع القرن الرابع عشر الهجري، وعملوا على النهوض بأمتهم؛ حتى تستعيد مجدها الغابر، وقوتها الفتية على هدى من الإسلام، وبصر بمنجزات العصر .

مجلة المنار

رأى رشيد رضا أن الصحافة وسيلة قوية وفعالة لتغيير القناعات وتحريك الرأى العام وبالفعل صارح استاذه ( محمد عبده ) بأنه ينوي أن يجعل من الصحافة ميدانًا للعمل الإصلاحي، ودارت مناقشات طويلة بين الإمامين الجليلين حول سياسة الصحف وأثرها في المجتمع، وأقنع التلميذ النجيب شيخه بأن الهدف من إنشائه صحيفة هو التربية والتعليم، ونقل الأفكار الصحيحة لمقاومة الجهل والخرافات والبدع، وأنه مستعد للإنفاق عليها سنة أو سنتين دون انتظار ربح منها .

صدر العدد الأول من مجلة المنار في (22 من شوال 1315هـ / من مارس 1898م)، وحرص الشيخ رشيد على تأكيد أن هدفه من المنار هو الإصلاح الديني والاجتماعي للأمة، وبيان أن الإسلام يتفق مع العقل والعلم ومصالح البشر، وإبطال الشبهات الواردة على الإسلام، وتفنيد ما يعزى إليه من الخرافات وأفردت المجلة إلى جانب المقالات التي تعالج الإصلاح في ميادينه المختلفة بابًا لنشر تفسير الشيخ محمد عبده، إلى جانب باب لنشر الفتاوى والإجابة على ما يرد للمجلة من أسئلة في أمور اعتقادية وفقهية، وأفردت المنار أقسامًا لأخبار الأمم الإسلامية، والتعريف بأعلام الفكر والحكم والسياسة في العالم العربي والإسلامي، وتناول قضايا الحرية في المغرب والجزائر والشام والهند .

ولم يمض خمس سنوات على صدور المجلة حتى أقبل عليها الناس، وانتشرت انتشارًا واسعًا في العالم الإسلامي، واشتهر اسم صاحبها حتى عُرف باسم رشيد رضا صاحب المنار، وعرف الناس قدره وعلمه، وصار ملجأهم فيما يعرض لهم من مشكلات، كما جاء العلماء يستزيدون من عمله، وأصبحت مجلته هي المجلة الإسلامية الأولى في العالم الإسلامي .

وكان الشيخ رشيد يحرر معظم مادة مجلته على مدى عمرها المديد، يمده زاد واسع من العلم، فهو عالم موسوعي ملم بالتراث الإسلامي، محيط بعلوم القرآن، على دراية واسعة بالفقه الإسلامي والسنة النبوية، عارف بأحوال المجتمع والأدوار التي مر بها التاريخ الإسلامي، شديد الإحاطة بما في العصر الذي يعيش فيه، خبير بأحوال المسلمين في الأقطار الإسلامية .

منهج رشيد رضا في الإصلاح:

كتب الأستاذ رشيد رضا مئات المقالات والدراسات التي تهدف إلى إعداد الوسائل للنهوض بالأمة وتقويتها وخص العلماء والحكام بتوجيهاته؛ لأنهم بمنزلة العقل المدبر والروح المفكر من الإنسان، وأن في صلاح حالها صلاح حال الأمة، واقترح رشيد رضا لإزالة أسباب الفرقة بين المسلمين تأليف كتاب يضم جميع ما اتفقت عليه كلمة المسلمين بكل فرقهم، في المسائل التي تتعلق بصحة الاعتقاد وتهذيب الأخلاق وإحسان العمل، والابتعاد عن مسائل الخلاف بين الطوائف الإسلامية الكبرى كالشيعة، وتُرسل نسخ بعد ذلك من هذا الكتاب إلى جميع البلاد الإسلامية، وحث الناس على دراستها والاعتماد عليها.

وطالب بتأليف كتب تهدف إلى توحيد الأحكام، فيقوم العلماء بوضع هذه الكتب على الأسس المتفق عليها في جميع المذاهب الإسلامية وتتفق مع مطالب العصر، ثم تُعرض على سائر علماء المسلمين للاتفاق عليها والتعاون في نشرها وتطبيق أحكامها .

مؤلفاته:

أخذت مجلة المنار معظم  وقت الأستاذ رشيد رضا  وهي بلا شك أعظم أعماله ، فقد استمرت في النشر من سنة 1316هـ /1899م حتى 1354 هـ /1935م ، واستغرقت ثلاثة وثلاثين مجلدًا ضمت 160 ألف صفحة، فضلاً عن رحلاته التي قام بها إلى أوربا والآستانة والهند والحجاز ومشاركته في ميادين أخرى من ميادين العمل الإسلامي . وله أيضًا : الوحي المحمدي ونداء للجنس اللطيف، وتاريخ الأستاذ الإمام والخلافة، والسنة والشيعة، وحقيقة الربا، ومناسك الحج .

وفاته:

كان للشيخ رشيد روابط قوية بالمملكة العربية السعودية فسافر بالسيارة إلى السويس لتوديع الأمير سعود بن عبد العزيز ، وزوده بنصائحه، وعاد في اليوم نفسه، وكان قد سهر أكثر الليل ، فلم يتحمل جسده الواهن مشقة الطريق، ورفض المبيت في السويس للراحة، وأصر على الرجوع، وكان طول الطريق يقرأ القرآن كعادته، ثم أصابه دوار من ارتجاج السيارة، وطلب من رفيقيه أن يستريح داخل السيارة، ثم لم يلبث أن خرجت روحه الطاهرة في يوم الخميس الموافق ( 23 جمادي الأول 1354 هـ / 22أغسطس 1935 م ) وكانت آخر عبارة قالها في تفسيره: ( فنسأله تعالى أن يجعل لنا خير حظ منه بالموت على الإسلام ) .

مقالات متعلقة بـ : محمد رشيد رضا

الإلحاد .. النشأة والأسباب والعلاج‎

الإلحاد .. النشأة والأسباب والعلاج‎

ما هى الديمقراطية؟ .. النشأة و التعريف‎

ما هى الديمقراطية؟ .. النشأة و التعريف‎

هجرة الرسول إلى المدينة‎

هجرة الرسول إلى المدينة‎

من هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي‎

من هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي‎

ما هو زواج المتعة‎

ما هو زواج المتعة‎

ماذا تعرف عن الشيوعية‎

ماذا تعرف عن الشيوعية‎

من هو الإمام محمد عبده‎

من هو الإمام محمد عبده‎

العلمانية .. النشأة والتطور‎

العلمانية .. النشأة والتطور‎

الدين والدنيا واقع متلازم‎

الدين والدنيا واقع متلازم‎

تصفح المزيد