كانت الهجرة ولا زالت الحدث الأعظم فى مقدمة التاريخ الإسلامي لما يُنسب لها من نتائج عظيمة تحققت بعدها ، فاحتلت الهجرة المكانة الكبيرة من بين أحداث التاريخ ولاسيما التاريخ الإسلامي ،فهي بمثابة نقطة تحول تاريخية غيرت مجريات الأحداث وشكًلت صورة جديدة للإسلام ، بذلك أُستحقت الهجرة أن تحظى بهذا الإهتمام .

الـتاريخ بالأحداث:
كان العرب قديماً يتذكرون أمور حياتهم بارتباطها بحادثة كبرى، مثل ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم إرتبط ميلاده بعام الفيل، فلا أحد يعرف في أى عام وُلد النبي ولكن أهل السير يربطون بين ميلاد النبى وحادثة الفيل، وهكذا كانت الأمور تؤرخ بالأحداث .

لماذا كانت الهجرة؟
مكث النبي فى مكة ثلاثة عشر سنة تيقن فيها إستحالت إقامة دولة فيها تتمتع بكل معاني الحرية، ولذلك لجأء إلى الحبشة فأرسل إاليها عُصبة من الصحابة الأوائل على رأسهم جعفر بن أبي طالب، إلا أن الهجرة للحبشة كانت لحفظ الدين من الهلاك ولكن النبى القائد السياسي أراد مكان مناسب يحفظ فيه الدين ويُقيم فيه الدولة فكانت المدينة.

ودفعت الأساب القوية النبى لهذه القرار كالتعذيب المستمر لمن أسلم وحصار المشركون للنبى وأصحابه ، كذلك المحاولات المستمرة لإغتياله، حتى وصل ألأمر إلى ذروته بانعقاد المشركون إجتماعاً طارئاً في دار الندوة لأخذ القرارالنهائي بشأن النبى والتصعيد المباشر ضده.

فكرة البقاء فى مكة تحت هذه التهديدات والضغوط = موت الدعوة وأصحابها، لذلك أخذ النبى القرار بالهجرة ، فهاجر المسلمون سراً وجهراً حتى جاء الإذن الإلهى من الله عز وجل لنبيه بالهجرة إلى المدينة. وبالفعل أخذ النبى كامل التدابير والأسباب لإنجاح هذه المهمة الخطيرة.

تخطيط بشرى أم تأييد إلهى؟
جرت العادة أن الله لا يؤيد بنصره إلا من أخذ بكل الأساب واستفرغ كامل الوسع فى بذل الجهد والتضحية. ومعلوم أيضاً أن هذا الكون له سنن وقواعد من أخذ بها نجا ومن تصادم معها هلك وخسر. لذلك جاء التأييد الإلهى في الهجرة بعد إكتمال الجهد البشرى واستفراغ النبى كامل جهده.

دلالات التخطيط البشري :

  1. لما خرج النبي ليخبر أبي بكر بقرار الهجرة ذهب إلى بيته في وقت الظهيرة وخافياً وجهه حتى لا يراه أحد فتعلم قريش بتخطيط النبي للهجرة.
  2. النبي كان يعلم أن الطريق إلى المدينة أن تتجه شمال مكة ولكنه أخذ طريق الجنوب المؤدي إلى اليمن ليُضلل المشركين.
  3.  إستعان النبى بدليل فى الطريق من مكة إلى المدينة فكان عبد الله بن أُريقط لإنه كان خبيراً جيداً بالطريق.
  4. إستطاع النبي توظيف القدرات جيداً، فكانت زوجة أبى بكر الصديق تطهي الطعام وأسماء بنت أبى بكر تأخذ الطعام إليهم في الغار وكان عبد الله بن أبى بكر يتجسس أخبار قريش صباحاً ويُعلمها للنبي في المساء، حتى أن عامر بن فُهيره مولى أبو بكر وخادمه يقود الغنم لإخفاء أثار قدم النبى وصاحبيه.
  5. إختيار النبي لغار ثور تحديداً لأن هذا الغاز مُحكم جيداً ولا تستطيع أن ترى من بداخله بمجرد العبور من أمامه.

دلالات التأييد الإلهى:

  1. إخبار جبريلُ للنبي بإجتماع المشركين بدار الندوة وعزمهم على قتله.
  2. خروج النبي من بيته ليلاً والمشركون نائمون حتى أنه حثً التراب فوق رؤسهم واحد تلو الأخر وهم لا يشعرون.
  3. معية الله لنبيه عندما لحق به سراقة بن مالك ليفوز بالمائة ناقة ، فتعسرت الناقة وسقط سراقه على الأرض.
  4. تجلت معية الله وحفظه للنبي لما حاصر المشركون غار ثور ولكنً الله أعمى أبصارهم وانصرفوا بخفي حنين خائبين.

فلا يتنزل المدد والتأييد الإلهى على أحد إلا باستنفاد كامل الأسباب ، فكانت الهجرة درساً فى الأخذ بالأساب وعدم التواكل على الله.

 

مقالات متعلقة بـ : هجرة الرسول إلى المدينة

الإلحاد .. النشأة والأسباب والعلاج‎

الإلحاد .. النشأة والأسباب والعلاج‎

ما هى الديمقراطية؟ .. النشأة و التعريف‎

ما هى الديمقراطية؟ .. النشأة و التعريف‎

محمد رشيد رضا‎

محمد رشيد رضا‎

من هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي‎

من هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي‎

ما هو زواج المتعة‎

ما هو زواج المتعة‎

ماذا تعرف عن الشيوعية‎

ماذا تعرف عن الشيوعية‎

من هو الإمام محمد عبده‎

من هو الإمام محمد عبده‎

العلمانية .. النشأة والتطور‎

العلمانية .. النشأة والتطور‎

الدين والدنيا واقع متلازم‎

الدين والدنيا واقع متلازم‎

تصفح المزيد