تتعرض المجتمعات العربية اليوم لحملات متتابعة للطعن في ثوابتها ومحاولة شغلها عن بناء مستقبلها وإغراقها في مشاكل الهوية والفكر والصدامات الفلسفية استمرارًا لنظرية هدم الدين من الداخل بأيدي أبناءه، وما ينتشر اليوم من نشر للشبهات الفكرية بين شباب المسلمين ليس جديدًا ولا مستغرباً .

التعريف :

الإلحاد هو مذهبٌ يقوم على فِكرةٍ محوريّةٍ وهي إنكار وجود الله تعالى، والزَّعم بأنّ الكون وما فيه وُجِد من دون خالقٍ وإنَّما بالصُّدفة المحضة، والادّعاء بأنّ الجزء الماديّ في المخلوقات أزليٌّ أبديّ، وأنّ المادّة هي الخالق والمخلوق؛ فكلُّ من آمن واعتقد بهذه الأشياء فهو مُلحِدٌ.

تاريخ الإلحاد :

في تاريخ العرب هناك أدلة على وجود ملحدين قبل الإسلام باسم آخر وهم طائفة الدهريين الذين كانوا يؤمنون بقدم العالم وأن العالم لا أول له ويذكرهم القرآن " وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ " لذا فقد ألف جمال الدين الأفغاني كتاباً للرد على الملحدين المعاصرين وأسماه "الرد على الدهريين".

أما كلمة الإلحاد فكانت تستخدم للذين لا يتبعون الدين وأوامره باعتبار الدين منزلاً أو مرسلاً من لدن الإله. وفي الكتب المقدسة نجد ذكراً لأشخاص أو جماعات لا يؤمنون بدين معين أو لا يؤمنون بفكرة يوم الحساب أو كانوا يؤمنون بآلهة على شكل تماثيل (أصنام) كانت غالباً ما تصنع من الحجارة, وبعد إنتشار الإسلام، أنتشرت بعض العقول التي بدأت تشكك في صحة النبوة، وهل يحتاج إله إلى بشري ليبلغ عنه.

وبعض الشواهد تُبدئ ميل إلى انكارالفكر اللاهوتي بأكمله، لولا أنه -وقتها- لم يكن لهم من لغة فلسفة لعلم الحديث ما يكفي للحديث بجرأة كافية بأمور وجود الله .

أنواع الإلحاد :

إلحاد قوي: وهو نفي وجود إله وقد يستعين بنظريات علمية وفلسفية لإثبات ذلك.
إلحاد ضعيف: وهو عدم الاعتقاد بوجود إله يكتفي فقط بعدم الاعتقاد بالله نظراً لعدم قناعته بالأدلة التي يقدمها المؤمنون.

طبائع الإلحاد :

• إنكار وجود الله تعالى.
• مبدأ المصادفة، أن الحياة وما فيها من كائنات ومخلوقات إنما وجِد بالمُصادفة.
• إنكار الحياة بعد الموت وما يترتب عليه من الحساب والعقاب أو الجنة والنار.
• إنكار كافة المعجزات التي أيد الله بها الأنبياء والرُسل.
• إنكار كافة القيم والمبادئ السامية كالأخلاق والجمال والحق.

من أسباب الإلحاد ما يلي:

• النشأة فى بيت/مجتمع لا يعرف صحيح الدين ومقاصد الشريعة وبالتالي ينشأ الفرد لا يعرف دينه على الوجه الصحيح .
• التعرف على شخص يؤمن بأفكار الإلحاد فيكون أقوى منه نفساً وألحن حجة وأبرع لساناً يأخذه ببراعته إلى الإلحاد .
• أن يقرأ كتبا في الإلحاد دُس فيها السم بألفاظ منمقة فتأخذ الألفاظ المنمقة بمجامعه عن معانيها المنحرفة .
• إشكاليات الحضارة وأزمة الهوية السائدة بين الشباب مع عدم وجود المحاضن التربوية المقنعة التي تحوي الفكر والإيمان .

يتبع ما سبق عدم عناية الإعلام ووسائله الرسمية بإبراز القدوات الصالحة التي تتسم بالعلم والعمل وحينما يخبو أثر هؤلاء فقل ما شئت عن بروز أدعياء العلم والتقوى الذين تحتفل بهم وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية .

عدم قيام مؤسسات التربية من تعليم ومعاهد وجامعات بأنشطة تذكر للوقوف في وجه موجة الإلحاد الجديدة؛ وبطء استجابتها للمستجدات العالمية والحراك الاجتماعي بشكل مؤسسي؛ وغياب كثير من أساتذة الجامعات والمربين عن المشهد الثقافي وعدم تمكينهم من المشاركة الاجتماعية له أثره .

علاج الإلحاد :

مكن القول أن معرفة العلاج تكمن فى التشخيص الصحيح للحالة ، وباتالي يتضح لنا معرفة علاج الإلحاد من خلال بلورة أسباب إنتشارة ومن ثم دراستها ووضع وسائل للتصدي لها .
لا شك أن توفير مجتمعات وبيئات يتربى فيها الفرد على المبادئ الصحيحة للدين سوف تُشكل شخصية تكون عصية على الأنجراف فى قيعان الفكر الإلحادي وبالتالي توفير هذه المجتمعات ضروري جداً .

حماية الفرد من نفسهُ من التعرف على أشخاص يؤمنون بأفكار خاطئة وشاذة مخافة أن يأخذع التيار للوقع فى الوحل لاسيما وإن كان ضحل الفكر والثقافة لا يستطيع أن يميز الصواب من الخطأ .

ضرورة إهتمام وسائل الإعلام والسوشال مديا بقضية الإلحاد والوقف حجر عثرة أمام تلك الأفكار والرد عليها بالحجة والدليل العقلي والنقلي .

تبني المؤسسات الرسمية وعلى رأسهم الأزهر الشريف والتربية والتعليم /العالي والثقافة أهمية إبراز الصورة الصحية لإسلام ودحض الشبهات المُثارة حولة وإيصال مقاصد الشريعة السامية لغير المُسلمين .