يُعتبر طارق بن زياد أحد أشهر القادة العسكريين المُسلمين في التاريخ، ومن أهمهم على الإطلاق، وهو من أكثر الشخصيَّات الوطنيَّة إجلالًا في المغرب العربي، في كلٍ من الجزائر والمغرب بشكلٍ خاص، وعند العرب والأمازيغ على حدٍ سواء، وقد سُمِّيت باسمه الكثير من المواقع تكريمًا له وتخليدًا لذكراه، في البلدان الإسلاميَّة وخارجها.

الفهرس

  • الموُلِد والنشأة
  • فتح الأندلس
  • معركة شذونة
  • نتائج معركة شذونة
  • العودة إلى دمشق
  • وفاة طارق بن زياد

    الموُلِد والنشأة

    وُلِدَ طارق بن زياد في عام (50 هـ= 670م) في خنشلة في الجزائر في قبيلة نفزة؛ وهي قبيلة بربرية، وهكذا فإن هذا البطل العظيم لم يكن من أصل عربي، ولكنه من أهالي البربر الذين يسكنون بلاد المغرب العربي، وقد نشأ طارق بن زياد مثلما ينشأ الأطفال المسلمون، فتعلَّم القراءة والكتابة، وحفظ سورًا من القرآن الكريم وبعضًا من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم .

    شخصية طارق بن زياد

    من خلال مطالعة أراء الباحثين والمؤرخين تجد أن طارق بن زياد كان إنسانًا متواضعًا راضيًا وقنوعًا، تجلَّت إنسانيَّته في الكثير من المواقف البارزة. فقد رضي على الدوام أن يكون الرجل الثاني بعد موسى بن نصير، ولم تظهر منه أي علامة صراع من أجل الدنيا.

    حب طارق بن زياد للجهاد

    ساعد حبُّ طارق بن زياد للجهاد في أن يلتحق بجيش موسى بن نصير أمير المغرب، وأن يشترك معه في الفتوح الإسلامية، وأظهر شجاعة فائقة في القتال، ومهارة كبيرة في القيادة لفتت أنظار موسى بن نصير، فأُعجب بمهاراته وقدراته، فولَّاه على مُقَدِّمة جيوشه بالمغرب؛ وهكذا أُتيح لطارق بن زياد أن يتولَّى قيادة جيوش موسى، ويشترك معه في السيطرة على بلاد المغرب الأقصى حتى المحيط الأطلسي .

    فتح الأندلس

    كانت بلاد الأندلس يحكمها ملك ظالم يُدعى لُذريق كرهه الناس، وفكَّروا في خلعه من الحُكم والثورة عليه بالاستعانة بالمسلمين، الذين يحكمون الشمال الإفريقي؛ بعد أن سمعوا كثيرًا عن عدلهم، وتَوَسَّط لهم الكونت يُوليان -حاكم سبتة القريبة من طنجة- في إقناع المسلمين بمساعدتهم، واتصل بطارق بن زياد يعرض عليه مساعدته في التخلُّص من لُذريق حاكم الأندلس، وقد رحَّب طارق بهذا الطلب، ووجد فيه فرصة طيبة لمواصلة الفتح والجهاد، ونَشْرِ الإسلام وتعريف الشعوب بمبادئه السمحة، فأرسل إلى موسى بن نصير أمير المغرب يستأذنه في فتح الأندلس، فطلب منه الانتظار حتى يُرسل إلى خليفة المسلمين الوليد بن عبد الملك بهذا العرض، ويستأذنه في فتح الأندلس، ويشرح له حقيقة الأوضاع هناك، فأَذِنَ له الخليفة، وطلب منه أن يسبق الفتح حملة استطلاعية يكشف بها أحوال الأندلس قبل أن يخوض أهوال البحر، فقاد طريف بن مالك حملة استطلاعية تضمُّ خمسمائة من خير جنود المسلمين؛ وذلك لاستكشاف الأمر، ومعرفة أحوال الأندلس سنة (91 هـ= يوليو 710م)، فعبرت هذه الحملة في أربع سفن قدَّمها لها الكونت يوليان، وقامت هذه الحملة الصغيرة بدراسة البلاد، وتعرَّفُوا جيدًا عليها، ولم تلقَ هذه الحملة أية مقاومة، وعادت بغنائم وفيرة.

    نتائج حملة طريف بن مالك

    شجَّعت نتيجةُ حملة طريف ، طارقَ بن زياد بالاستعداد لفتح بلاد الأندلس، وبعد مرور أقلّ من عام من عودة حملة طريف خرج طارق بن زياد في سبعة آلاف جندي معظمهم من البربر المسلمين، وعَبَرَ مضيقَ البحر المتوسط إلى الأندلس، وتجمَّع المسلمون عند جبل صخري عُرف فيما بعدُ باسم “جبل طارق” (5 من شهر رجب 92 هـ= 27 من أبريل 711م) .
    ثم سار طارق بن زياد بجيشه مخترقًا المنطقة المجاورة بمعاونة الكونت يوليان، وزحف على ولاية الجزيرة الخضراء واحتلَّ قلاعها، وفي أثناء ذلك وصلت أنباء الفتح إلى أسماع لُذريق، وكان مشغولاً بمحاربة بعض الثائرين عليه في الشمال، فترك قتالهم وأسرع إلى طُلَيْطلَة عاصمة بلاده، واستعدَّ لمواجهة جيش المسلمين, وجمع جيشًا هائلاً بلغ مائة ألف مقاتل مزوَّدين بأقوى الأسلحة، وسار إلى الجنوب للقاء المسلمين، وهو واثق كل الثقة من تحقيق النصر ، ولمَّا عَلِمَ طارق بن زياد بأنباء هذه الحشود بعث إلى موسى بن نصير يُخبره بالأمر، ويطلب منه المدد، فبعث إليه بخمسة آلاف جندي من خيرة الرجال، وبلغ المسلمون بذلك اثني عشر ألفًا .

    معركة شذونة

    في 28 من رمضان 92ﻫ ، إتجة لُذريق إلى بلدة شَذُونَة وأتمَّ بها استعداداته، ثم اتَّجه إلى لقاء المسلمين، ودارت بين الفريقين معركة فاصلة بالقرب من وادي لكة أو وادي برباط، وكان اللقاء قويًّا ، وظلَّ مستمرًّا ثمانية أيام، أبلى المسلمون خلالها بلاءً حسنًا، وثَبَتُوا في أرض المعركة كالجبال؛ رغم تفوُّق عدوِّهم في العدد والعُدَّة، ولم تُرهبهم قوَّتُه ولا حشوده، وتفوَّقوا عليه بالإعداد الجيد، والإيمان القوي، والإخلاص لله –عز وجل، والرغبة في الشهادة في سبيله ، وفي اليوم الثامن تحقق للمسلمين النصر وفرَّ لُذريق آخر ملوك القوط عقب المعركة، ولم يُعثر له على أثر .

    نتائج معركة شذونة

    إستكمل طارق بن زياد فتوحاته ، ففتح قُرْطُبَة وغَرْنَاطَة وإِلْبِيرة ومَالَقَة ، ثم إتجة شمالأ فخترق هضاب الأندلس حتى دخل طُليطلة ، كتب إلى موسى بن نصير يُحيطه بأنباء هذا الفتح وما أحرزه من نصر، ويطلب منه المزيد من الرجال والعتاد لمواصلة الفتح ونشر الإسلام في تلك المناطق .
    أدرك موسى بن النصير حاجة طارق بن زياد إلى العون بعد أن استشهد كثير من المسلمين في المعارك التي خاضوها؛ فعَبَر إلى الأندلس في ثمانية عشر ألف جندي في (رمضان 93هـ= يونيه 712م)، وسار بجنوده في غير الطريق الذي سلكه طارق بن زياد، ليفتح بلادًا جديدة، حتى وصل إلى طُلَيْطلَة والتقى بطارق بن زياد .

    العودة إلى دمشق

    أثناء هذه الفتوحات ، بينما القائدان يفتحان البلاد وصلت رسالة من الخليفة الوليد بن عبد الملك يأمرهما فيها بالتوقُّف عن الفتح، والعودة إلى دمشق، وكان القائدان قد نَظَّمَا شئون البلاد، وغادر القائدان الأندلس وواصلَا السير إلى دمشق عاصمة الدولة الأموية، فوصلاها بعد تولية سليمان بن عبد الملك الخلافة بعد وفاة أخيه الوليد، وقدَّما له تقريرًا وافيًا عن الفتح، فاسْتَبْقَاهما الخليفة إلى جواره، وأقام طارق بن زياد هناك مكتفيًا بما حقَّقه من فتوحات عظيمة خلَّدت اسمه بين الفاتحين العظام من المسلمين .

    وفاة طارق بن زياد

    وعندما تولّى سليمان الخلافة، عزل موسى وأولاده، وقتل ابنه عبد العزيز بن موسى الذي شارك في فتح الأندلس. أمَّا طارق بن زياد فقد انقطعت أخباره إثر وصوله إلى الشام، واضطربت أقوال المؤرخين في نهايته، غير أن الراجح أنه لم يولَّ عملا بعد ذلك ويبدو أنَّه آثر أن يعيش بعيدًا عن الأضواء، ويُمضي أيَّامه في العبادة والزهد بعيدًا عن مسرح الشهرة وضجيج السياسة، وقد توفي سنة 720م .

لقد كان طارق بن زياد قائدًا عظيمًا؛ استطاع بإيمانه وصبره وعزيمته وإصراره أن يصل إلى هذه المكانة العظيمة، ونجح في تحقيق هذه الانتصارات لأنه كان يُفَكِّر في كل خطوة يخطوها، ويتأنَّى في اتخاذ القرار، ويجمع المعلومات قبل التحرُّك، كما كان مؤمنًا صادقَ الإيمان على يقينٍ من نصر الله حتى في أحرج الأوقات، فظلَّ ثمانية أيام يُحارب عدوَّه في لقاء غير متكافئ من حيث العدد والعُدَّة؛ لكنه تمكَّن من تحقيق النصر في النهاية بفضل الله تعالى .

مقالات متعلقة بـ : طارق بن زياد

ما هى الديمقراطية؟ .. النشأة و التعريف‎

ما هى الديمقراطية؟ .. النشأة و التعريف‎

محمد رشيد رضا‎

محمد رشيد رضا‎

هجرة الرسول إلى المدينة‎

هجرة الرسول إلى المدينة‎

من هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي‎

من هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي‎

ما هو زواج المتعة‎

ما هو زواج المتعة‎

ماذا تعرف عن الشيوعية‎

ماذا تعرف عن الشيوعية‎

من هو الإمام محمد عبده‎

من هو الإمام محمد عبده‎

العلمانية .. النشأة والتطور‎

العلمانية .. النشأة والتطور‎

الدين والدنيا واقع متلازم‎

الدين والدنيا واقع متلازم‎

تصفح المزيد