من عادات العرب الفخر بأنسابهم ولكن لصاحبنا اليوم شأن أخر وفخر آخر عندما سأل عن نسبه، حيث قيل أنه لما اجتمع مع نفر من الأعراب فسألوه عن نسبه، حيث يقول هذا: "أنا قرشي"، وذاك يقول: "أنا قيسي"، وذاك يقول: "أنا تميمي"، فقال سلمان "أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم"، أنه سلمان الخير، سلمان المحمدي، ابن الإسلام، أبو عبد الله الفارسي، سابق الفرس إلى الإسلام، صحب النبي – صلى الله عليه وسلم – ذاك الشاب الآتي من بلاد فارس باحثا عن الهداية دافعا ثمنها مقدما من حريته.

سلمان الباحث عن الحقيقة:
يُعتبر سلمان الفارسي أول الفرس إسلاماًترك أهله وبلده سعيًا وراء معرفة الدين الحق؛ فانتقل بين البلدان ليصحب الرجال الصالحين من القساوسة، إلى أن وصف له أحدهم ظهور نبي في بلاد العرب، ووصف له علامات ليتحقق منه. اتفق سلمان مع قوم من بني كلب لينقلوه إلى بلاد العرب، فغدروا به وباعوه إلى يهودي من وادي القرى، ثم اشتراه يهودي آخر من يثرب من بني قريظة، ورحل به إلى بلده، وعند هجرة النبي محمد إلى يثرب، سمع به سلمان، فسارع ليتحقق من العلامات، فأيقن أنه النبي الذي يبحث عنه فأسلم.

مكانة سلمان الفارسي في الإسلام:
حظي سلمان الفارسي رضي الله عنه بمكانه عالية في الإسلام يأتي ذلك في ضوء ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم "لسُبَّاق أربعة: أنا سابق العرب، وصهيب سابق الروم، وسلمان سابق فارس، وبلال سابق الحبشة "وعن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطَّ الخندق، وجعل لكل عشرة أربعين ذراعًا، فاحتج المهاجرون والأنصار في سلمان، وكان رجلاً قويًّا، فقال المهاجرون: سلمان منا. وقالت الأنصار: لا، بل سلمان منا. فقال رسول الله : "سلمان منا آل البيت".

ملامح شخصية سلمان الفارسي:
كان سلمان الفارسي من أزهد الناس في الدنيا ومتاعها حتى روى عن الحسن قال: كان عطاءُ سلمان الفارسي خمسة آلاف، وكان أميرًا على نحو ثلاثين ألفًا من المسلمين، وكان يخطب الناس في عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها، فإذا خرج عطاؤه أمضاه، ويأكل من سفيف يديه، وكان رضى الله عنه يعرف قدره جيداً ولا يحب الشهرة والمنصب فعن أبي الأحوص قال: افتخرت قريش عند سلمان الفارسي فقال سلمان: "لكني خلقت من نطفة قذرة، ثم أعود جيفة منتنة، ثم يؤدى بي إلى الميزان، فإن ثقلت فأنا كريم، وإن خفت فأنا لئيم "، بل قالوا عنه في التحدذير من السلطة وحب المنصب "لقد كان سلمان الفارسي يرفض الإمارة ويقول إن استطعت أن تأكل التراب ولا تكونن أميرا على اثنين فافعل".

سلمان وفكرة حفر الخندق:
تجلت عبقرية سلمان في شهر شوال من العام الخامس من الهجرة (الموافق مارس 627م) حين جاءت جيوش قريش إلى المدينة مقاتلة تحت قيادة أبي سفيان، ورأى المسلمون أنفسهم في موقف عصيب، وجمع الرسول أصحابه ليشاورهم في الأمر، فتقدم سلمان وألقى من فوق هضبة عالية نظرة فاحصة على المدينة، فوجدها محصنة بالجبال والصخور محيطة بها، بيد أن هناك فجوة واسعة يستطيع الأعداء اقتحامها بسهولة، وكان سلمان قد خبر في بلاد فارس الكثير من وسائل الحرب وخدعها، فتقدم من الرسول واقترح أن يتم حفر خندق يغطي جميع المنطقة المكشوفة حول المدينة، وبالفعل بدأ المسلمون في حفر هذا الخندق الذي صعق قريش حين رأته، وعجزت عن اقتحام المدينة.

وفاة سلمان الفارسي:
جاء سعد بن أبي وقاص يعود سلمان في مرضه، فبكى سلمان، فقال سعد ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ لقد توفي رسول الله وهو عنك راض. فأجاب سلمان والله ما أبكي جزعا من الموت، ولا حرصا على الدنيا، ولكن رسول الله عهد إلينا عهدا، فقال ليكن حظ أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب؛ وهأنذا حولي هذه الأساود! فنظر سعد فلم ير إلا جفنة ومطهرة، فقال سعد: يا أبا عبد الله اعهد إلينا بعهد نأخذه عنك فقال: يا سعد اذكر الله عند همك إذا هممت، وعند حكمك إذا حكمت، وعند يدك إذا قسمت.

مقالات متعلقة بـ : سلمان الفارسي

ما هى الديمقراطية؟ .. النشأة و التعريف‎

ما هى الديمقراطية؟ .. النشأة و التعريف‎

محمد رشيد رضا‎

محمد رشيد رضا‎

هجرة الرسول إلى المدينة‎

هجرة الرسول إلى المدينة‎

من هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي‎

من هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي‎

ما هو زواج المتعة‎

ما هو زواج المتعة‎

ماذا تعرف عن الشيوعية‎

ماذا تعرف عن الشيوعية‎

من هو الإمام محمد عبده‎

من هو الإمام محمد عبده‎

العلمانية .. النشأة والتطور‎

العلمانية .. النشأة والتطور‎

الدين والدنيا واقع متلازم‎

الدين والدنيا واقع متلازم‎

تصفح المزيد