في جبال بوهيميا كان هناك منجم ينتج الفضة في وادي يسمى جوشيمستولارز, ومع الوقت أصبح هذا المنجم المصدر الرسمى للعملات الفضية ، التى أطلق عليها الاسم ذاته جوشيمستولارز، و بمرور الوقت اختصر الاسم إلى تولارز، وأصبح اللفظ الأمريكي للكلمة هو دولار….
الدولار الذى استطاع أن يفرض سيطرته على العالم ويحكم نفوذه كمقياس اقتصادى عالمى هو العملة الرسمية للولايات المتحدة الأمريكية, ويساوى مائة سنت، وأكبر فئة للدولار وصلت 100 للورقة الواحدة. وتصنع ورقة الدولار الأمريكي من مزيج من الكتان والقطن بنسبة 75% قطن و25% كتان.

المكانة:

أما عن كيفية وصوله لهذه المكانة الاقتصادية فبداية كان سكان المستعمرات الأمريكية يتعاملون بالعملة الفرنسية والإنجليزية والأسبانية ، الأمر الذى سبب ارتباكا فى المعاملات الاقتصادية والتجارية داخل الدولة الواحدة، ثم بدأت تتعالى الأصوات الأمريكية المطالبة بالاستقلال عن أوربا واتجهت بالفعل بعض الولايات فى طبع عملات خاصة بها, وبدأت بعملة فضية وبقيمة عالية؛ إذ كانت 6 شلنات من تلك العُملة تُساوي دولارًا إسبانيًّا. استمر الأمر كذلك وتكرر فى عدد من الولايات حتى فرض الدولار الأمريكى عملة موحدة فى أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية فى عام 1794.

استمر العمل بهذا النظام المالي إلى عام 1861 حتى اندلعت الحرب الأمريكية الأهلية بين الشمال والجنوب، واحتاجت حكومة الشمال المركزية المزيد من الأموال من أجل خوض الحرب ولم تكن ترغب بخسارة كلّ ما لديها من الذهب والفضّة، مما دفعها إلى إنشاء العملة الورقية (الدولار الأمريكي بشكله الأخضر الحالي) عام 1862 وبدأت بطباعتها، وبنهاية الحرب الأمريكية كان هناك 461 مليون دولار أمريكي مطبوع.

ثم بدأت قاعدة الذهب (أي ربط النظام النقدي بكتلة الذهب، كلما زدنا من المعروض النقدي ستتم زيادة الكتلة الذهبية والعكس)، وقد تم اعتماد هذه القاعدة دوليًّا منذ الثلث الأخير من القرن التاسع عشر تحديدًا من عام 1876، بينما حسمت الولايات المُتحدة الأمريكية قرارها بتطبيق قاعدة الذهب، بدايةً من عام 1900، بحيث بات الوزن الذهبي للدولار (أي مُقابل الدولار للذهب) هو 0.88 جرام من الذهب تقريبًا، فتصبح أوقية الذهب تُساوي 35 دولارًا.

ظلّ العمل بقاعدة الذهب قائما حتى قامت الحرب العالمية الأولى، حينها أوقفت العديد من الدول الأوروبية اعتماد تطبيق قاعدة الذهب، وذلك للخلاص من القيد الحاكم لطبع النقود.

بعد الحرب

بعد الحرب العالمية الثانية خرجت مُعظم الدول التي شاركت في الحرب واقتصاديّاتها مُدمّرة تماما. أما الولايات المتّحدة فكانت الوحيدة التى خرجت من الحرب قوية وتمتلك 75% من ذهب العالم ، وكان الدولار الأمريكي هو العملة الوحيدة على مستوى العالم المُغطاة بالذهب .

الأمر الذى جعل دول أوربا تلجأ إلى الولايات المُتحدة الأمريكية ، لمحاولة النهوض باقتصادها، فكانت اتفاقية “بريتون وودز” عام 1944، والتى تمت بمشاركة 44 دولة في الولايات المتحدة الأمريكية وخرجت مفاوضاتها بخُطة أمريكية لإعادة هيكلة النظام المالي العالمي، تأسس على إثرها عدة مؤسسات مالية دولية، على رأسها صندوق النقد الدولي.

الأهم من ذلك أنّها اشترطت أن تربط كل دولة عملتها إما بالذهب أو بالدولار. من هُنا أصبح الدولار “ذهبًا جديدًا” وانطلق كعملة ذات سيادة دولية. كما أن تلك الاتفاقية دفعت عددًا كبيرًا من دول العالم إلى العمل على تكديس الدولارات الأمريكية بهدف استبدالها بالذهب مستقبلًا كاحتياطي، وصار عدد كبير من هذه الدول يستخدم عملة الدولار كاحتياطي النقد الأجنبي.

تحويله إلى ذهب

استمر الأمر على هذا الحال إلى أن طالب الرئيس الفرنسي شارل ديجول عام 1971م بتحويل الدولارات الأمريكية الموجودة لدى البنك المركزي الفرنسي إلى ذهب (طالب بتحويل ما يقرب من 190 مليون دولار إلى ما يقابلها من الذهب، وكان سعر الأونصة 35$)، عملًا باتفاقية “برتنوودز BRETTON WOODS ” التي تسمح بذلك; أدّى هذا الأمر إلى عجز الولايات المتّحدة لاحقًا عن تحويل أي دولارات أمريكية إلى الذهب ، مما دفع الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون إلى إصدار بيان في عام 1973 يلغي فيه التزام الولايات المتّحدة بتحويل الدولارات الأمريكية إلى ذهب، وأن الدولار سيُعوَّمُ أي ينزل في السوق تحت المضاربة وسعر صرفه يحدده العرض والطلب، ولم تتمكن أي دولة من الاعتراض وإعلان رفض هذا النظام النقدي الجديد لأن هذا كان سيعني حينها أن كل ما خزنته هذه الدول من مليارات الدولارات في بنوكها سيصبح ورقا بلا قيمة وهي نتيجة أكثر كارثية مما أعلنه نيكسون، وعُرف هذا الإعلان لاحقًا باسم NIXON SHOCK أو صدمة نيكسون التى صدمت العالم بأكمله وقال حينها: ” يجب أن نلعب اللعبة كما صنعناها ويجب أن يلعبوها كما وضعناها “. ومازال الدولار ..الصناعة الأمريكية .. يتلاعب بالعالم حتى الآن.