هل تتخيل معرفة الوقت من خلال مراقبة الشمس أو بالاعتماد على تنقيط الماء، لقد قامت الحضارات العظيمة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا بتحديد الوقت لأول مرة من خلال القيام بذلك، لقد كانت الساعات الشمسية الأولى مفيدة خلال النهار فقط ولكن الساعة المائية كانت الساعة الأولى التي تنبيء عن الوقت مهما كانت الظروف الجوية أو وضعية الشمس، وأينما كانت موضعها بالنسبة للشمس.

فهرس

• من هم أول من استخدموا الساعة المائية؟
• الساعات المائية التي اخترعها العرب
• الجزري أول مهندس مسلم يطور في الساعات المائية
•  ساعة الفيل المائية الاكثر شهرة التي اخترعها الجزري

من هم أول من استخدموا الساعة المائية؟

كانت الساعات المائية بأبسط أشكالها من أكثر أدوات ضبط الوقت المستخدمة إنتشارًا، وكانت معرفة الوقت خلال النهار أمرا اساسيا في أداء العبادات في الاسلام وذلك لتحديد أوقات الصلاة ولتخصيص وقت خلال اليوم للقيام بالأعمال الصالحة.

اعتمدت الساعات المائية الاسلامية الاولى في تصميمها على الساعة المصرية المائية التي يعود اختراعها إلى عام 1500 قبل الميلاد وكانت عبارة عن زهرية بسيطة حددت عليها أجزاء الوقت التي كانت تشير إلى تدفق الماء من صنبور، وكانت الساعة العامة في "مدينة مايافارقين" التي صممها وشيدها المهندس "ناصر الدولة" من ديار بكر عام 1012 ميلاديا.

يمكنك أيضًا قراءة: عشاق الدراجات النارية.. تعرفوا عليها أكثر!

الساعات المائية التي اخترعها العرب

لقد اعتمد المهندسون المسلمون على تصاميم الساعات المائية التي وضعها المهندسون الإغريق والهنود وطوروها وكانوا أول من استخدم التروس القطعية، والعوامات الغاطسة في المضخات المائية وقام المهندسون المسلمون من خلال الجمع بين هذه الاختراعات والأجهزة الجديدة وتطويرها ببناء أروع الساعات المائية في ذلك الوقت.

ولم تكن تلك الساعات المائية مجرد أجهزة وظيفية بل أمثلة عن آلات صُنعت بإستخدام تقنية دقيقة تبعث على الرهبة خلدت الإنجازات الهندسية والطبيعة الكونية للإسلام كما خلدت مهارة المهندسين أنفسهم.

يمكنك أيضًا قراءة: مخ الإنسان أصبح لا حدود له.. 7 معلومات عن الروبوت السعودي صوفيا!

الجزري أول مهندس مسلم يطور في الساعات المائية

وكان الجزري المهندس المسلم الذي عاش في القرن الثاني عشر في بغداد أشهر مهندسي الساعات ولقد قام ببناء عدد كبير من الاجهزة الميكانيكية التي غيرت الهندسة تغييرا جذريا وأماطت اللثام عن مفهوم الالات المؤتمتة أو الرجل الآلي.

لقد قام الجزري في كتابه الجامع بين العلم والعمل النافع بصناعة الحيل بتدوين عشر ساعات مائية وشمعية من تصميمه، وتعتبر ساعة القلعة وهي واحدة من أكثر الساعات الفلكية التي تعمل باستخدام الماء دقة في الصنع اقدم لحاسوب تمثالي قابل للبرمجة.

يمكنك أيضًا قراءة: هل تعرف ما سبب تسمية الديناميت بهذا الاسم؟

ساعة الفيل المائية الاكثر شهرة التي اخترعها الجزري

لعل ساعة الفيل المائية أكثر ساعاته شهرة وهي تحفة آخاذة من التقنية الدقيقة وكان هذا العمل الذي يحتوي على عناصر مستمدة من مصادر مختلفة، مكونًا من منحوتة خشبية من فيل هندي يحمل برج يضم ثعبانين صينيين ملتويين وعنقاء مصرية في الأعلى، وكانت تضم كذلك تقنية مائية فينيقية وثلاثة شخصيات عربية وقطع من السجاد الفارسي.

يوضح القرص الأسود موضوع في أعلى الساعة عدد الساعات التي انقضت بعد شروق الشمس، فيما يشير القلم الناسخ إلى عدد الدقائق ووضع في جوف الفيل المنحوت الية مكونة من اناء مثقب داخل خزان تتحكم في التوقيت وبعمل الساعة، ويقوم ثقب صغير في الاناء العائم بتنظيم سرعة هبوطه وبعد هبوطه الذي كان يستغرق نصف ساعة، كان يسحب نظام مكون من مجموعة من البكرات لاطلاق دورة النصف ساعة التالية.

وبعد أن تغمر الانية كليا في الماء تميل بسرعة وتغرق وتطلق سلسلة الاحداث اللاحقة وفي اعلى الساعة تميل قناة من الكرات بحيث ترفع السدادة للسماح لكرة واحدة بالسقوط من منقار الصقر إلى فم الثعبان الذي يتلوى نحو الاسفل وتستقر الكرة بعد ذلك في زهرية تطلق عصا سائس الفيل لتضرب السنجر ويشير ذلك الى انقضاء نصف ساعة.

ومع استقرار الكرة في الحوض تبدأ العوامة غوصها من جديد وتبدأ العملية بأكملها مرة أخرى مع ضبط طفيف للنصف الثاني من الساعة.

كانت ساعة الفيل المائية الجريئة تعبيرًا رائعا عن مكانة انجاز وتقنية وضع فيها الجزري بعض من النماذج الأولى للرجال الآلين في آلة معقدة.

يمكنك أيضًا قراءة: من هو مكتشف سرعة الضوء؟

الساعة المائية في عصر الفراعنة

استخدم الفراعنة الساعة المائية منذ عام 1550 قبل الميلاد وكان ذلك واضحًا على النقوش التي كانوا ينقشوها على مقبرة أحد الفراعنة. كما أنه اكتشف بعض الأشخاص ساعة مائية محطمة بالقرب من معبد الملك آمون وتم نقلها بعد ذلك إلى أحد المتاحف بالقاهرة وكانت هذه الساعة مصنوعه على شكل أصيص النبات حاليًا ومصنوع من مادة المرمر وكان يبلغ طول هذا الأصيص 26 سم، أما عن شكله فكان مليئ بالنقوش والزخارف من الداخل والخارج.

وكانت فكرة هذه الساعة تقوم على تقسيم اليوم إلى 12 جزء، وكان يوجد في أسفل هذا التقسيم ثقب صغير تخرج منه الماء حتى تقيس معدل اليوم تبعا لمعدل انسياب الماء ونقصها من داخل الاصيص، فإذا كان الاصيص مليء بالماء فيكون انسياب الماء بضغط كبير وعندما تقل هذه الماء مع مرور الوقت على مدار اليوم فيقل الضغط.

يمكنك أيضًا قراءة: من لم يقم بزيارة مكة من قبل.. هل سمعت عن ساعة مكة؟

الساعة المائية في عصر الاغريق والرومان

انتشرت بعد ذلك الساعة المائية وفكرتها في بلاد الرومان والاغريق على يد أفلاطون عام 400 قبل الميلاد، ودخلت عليهم الساعة وكان طولها 23 سم وقطرها الداخلي 28 سم أما قطرها الخارجي 32 سم وكانت تُصنع من الحجارة أو الجرانيت.

الساعة المائية في المغرب

عندما ظهرت الساعة المائية في المغرب كانت وقتها من صُنع العرب، حيث اخترع العرب في بلاد فارس المعروفة بالمغرب العربي بالعصر الحالي 5 ساعات مختلفة وهم:

• ساعة ابن الحباك

جاءت الساعة المائية في هذا الوقت من إقتراح القاضي الخطيب أبو عبدالله محمد أبي الصبر أيوب بن كانون فكان تعريفه للأشخاص بأوقات الليل والنهار من خلال الساعة المائية، وقام ابن الحباك بصنع الساعة الرملية على شكل طبق فخاري كبير على قبة عالية تُملئ بالماء وتنساب الماء في وجه المارة ويمر في مجرى مصنوع من النحاس به ثقب أكبر من الثقب التي تمر به الماء وتواجه أمامها خطوط مكتوب عليها أوقات النهار والليل ويصب كل ثقب موجود على ساعة معينة لمعرفة الأوقات.

• ساعة الصنهاجي (ابن العربي)

صممت الساعة المائية في أيام السلطان أبي سعيد عثمان المريني على يد أبي عبدالله محمد بن عبدالله الصنهاجي وكانت هذه الساعة من أشهر الساعات المائية التي صنعت على يد العرب. وبدأ الصنهاجي برسم خطوط خاصة بالساعة ووضع في الغرفة المختارة لوضع الساعة المائية ووضع مجن خشبي بداخله طبقين من الفخار نفس الشكل وكان طبق أعلى من الطبق الثاني ثم وضع الماء في الطبق العالي الذي كان مُبت به أنبوبة من النحاس لكي يمر من خلالها الماء وتسقط على الطبق الثاني.

كان يوجد في الطبق السفلي مسطرة وضعت بشكل عمودي محفور عليها تقسيم الوقت للنهار والليل ومواعيد الخمس صلاوات، كما كان يوجد على الطبق السفلي جسم نحاسي يطفو فوق سطح الماء مربوط في المسطرة. وكلما طفى هذا الجسم بمجرد إنقضاء النهار ترتد الماء في الطبق العلوي وترجع المسطرة لوضعها الطبيعي مرة أخرى.

• ساعة الجاي

قام بصنع ساعة جاي المائية أبو يزيد عبدالرحمن بن سليمان الجائي، وكان هذا بأمر من السلطان أبي سالم إبراهيم ابن مولانا الحسن بن مولانا أبي يوسف عبدالحي.

قام أبو يزيد بصنع هذا الساعة في غرفة صغيرة وكانت عباره عن دولاب صغير مُعلق بسطح الغرفة بحوالي 2.5 متر ووضع أسفلها خشب منقوش عليه نقوشات رائعة، وكان مصنوع بها 24 باب صغير وكان أمام كل باب طاسة صغيرة وفوق كل طاسة كرة صغيره من العود.

وكانت فكرة صنع هذه الساعة معتمدة على سقوط كل ساعة الكره في الطاسة، ثم تتحرك الكرات لتدفع الماء الذي يخرج من كل باب من الأبواب الصغيرة ثم تخرج الكرة فتسقط في الطاسة التي أمامها وتمر من خلال أنبوب خفي للممر وتُخزن فيها الكرات الـ 24.

• منجانة على الشارع العام

  لم تُذكر بوضوع مواصفات هذه الساعة، حيث إختلف المؤرخين على وجودها في المكان الذي تتواجد فيه. حيث تم إختيار إسمها بمنجانة على الشارع العام نظرًا لإسم المكان الذي كانت توجد به الساعة وكانت قد نُصبت هذه الساعة في هذا المكان لكي يستطيع كل من مر بهذا المكان رؤيتها ومعرفة المواعيد والزمن بوضوح.

• الساعة المائية بالمدرسة اليونانية

صمم الساعة المائية بالمدرسة اليونانية التلمساني أبو الحسن ابن الفحام بأمر من السلطان أبو العنان حيث أنها كانت أشهر الساعات التي صممها العرب بالصور.

وكانت قد صممت هذه الساعة بطريقة وشكل مميزين، حيث كانت عبارة عن 13 طبقة نحاسية على شكل سلسلة وضع على كل طبق حامل مصنوع من الخشب الخفيف، ثم يوجد فوقها 3 صفوف من النوافذ التي تخرج منها الطيور بمرور كل ساعة فتسقط صنجه من الغربان، والتي كان عددها 13 غراب على الطبق ثم تحدث حركة داخل الجدار فتصدر صوت مدوي وتُفتح النوافذ وتظل مفتوحة ليمر أشخاص خارج النوافذ المفتوحة ومن هنا يُعرف ما الوقت حسب عدد النوافذ التي تُفتح.

وسوف نعرض لكم في أخر المقال صور للساعة المائية وتطورها في كل زمن والدولة الخاصة بها: