التعليم والثقافة عنصران مهمان جدًا في تكوين مجتمع قوي ومتماسك، ولا تقوم أمة إلا من خلال مثقفيها وتمتع شبابها بقدر من التعليم يمكنه من التفاعل والتواصل مع مكونات المجتمع للنهوض والتقدم وتحقيق الرخاء المجتمعي وتسهيل التفاعل بين أفراد المجتمع والحفاظ علي هوية البلد وثقافاته.
مفهوم الثقافة
أصدرت منظمة اليونسكو نصا تعريفيا للثقافة في عام 2002م جاء فيه انه ينبغي أن يُنظر إلي الثقافة علي إنها مجموعة مميزة من النواحي الدينية والعقلية والمادية والعاطفية للمجتمع او لجماعة من الناس ، وهي بذلك تشمل أسلوب الحياة وطرق المعيشة والقيم والعقائد والعادات إلي جانب الأداب والفنون.
ويشير مفهوم الثقافة الي المعرفة بشكل عام ، فأن تكون مثقفا هو أن يكون لديك معرفة عن كافة المجالات المختلفة كالأداب والفنون والمعارف والثقافات الأخري ، وهو نشاط نابع من رغبة الفرد في المعرفة والإطلاع والتفكير ورغبة في التواصل والتعبير عن معتقداته وأفكاره مع الأخرين.
يقول نجيب محفوظ عن الثقافة أنها ليست ترفا روحيا يمكن تأجيله ، ولا فترة إسترخاء تعقب العمل الشاق لتجدد وتنشط الحواس ، لكنها المادة المكونة من المعاني والمعارف التي تخلق روح الإنسان وعقله وسلوكه كما إنها تأتي في مقدمة القوي التي تبني الشخصية الإنسانية.
يمكنك أيضًا قراءة: هل فكرت يومًا ما تتعرف على عدد لغات العالم؟
تصنيفات الثقافة
تنقسم الثقافة إلى نوعين من التصنيفات وهي:
- الثقافة المادية: وهي التي تعبر عن النتاج المادي للعمل البشري في المجتمع متمثلا في أدوات المجتمع وطريقة معيشته وآلاته وادواته.
- الثقافة اللا مادية: وهي مجموعة القيم والأفكار والمعتقدات التي يؤمن بها الفرد وتراثه والذي ينعكس علي سلوكياته وتعاملاته مع الأخرين.
كيف تكون شخصية مثقفة شاملة؟
- الثقافة عملية مستمرة متسلسة لا تقف عند عمر معين فالمثقف لا يتوقف عند عمر معين من المعرفة ولا تقتصر معرفته علي الخبرة العلمية التي يتلقاها في مجال العمل ، لذلك المثقف دائم الإطلاع والتعلم .
- الإلمام بكل نوع من أنواع الثقافة والنظر للأمور بعقلية متفتحة وتفكير ناضج .
- عدم التسرع في اصدار الأحكام علي الأمور الا بعد الإطلاع والمناقشة ومعرفة بواطن الأمور.
- الثقة بالنفس والرغبة في تطوير الذات من عوامل تكوين شخصية مثقفة قوية .
يمكنك أيضًا قراءة: تعرف على.. سمات التعليم فى مجتمعات مختلفة
التعليم هو نظام معرفي متسلسل يقوم علي إعداد مناهج تعليمية وتربوية مدروسة لإكساب الأفراد المعارف الحياتية والعلمية ومبادئ العلوم المختلفة وله وزارة مسئولة عن ضبط و تنظيم تلك العملية .
كما يعد التعليم العامل الرئيسي الذي يساعد علي تكوين روابط من الأفكار والمعتقدات والأليات بين الأجيال المتلاحقة الأمر الذي يجعله مجتمعا حقيقيا متماسكا .
و التعليم في مفهومه الحقيقي لا يقوم علي مواد درا سيه يدر سها الطالب ويحفظها حتي يتثني له إجتياز الإمتحان في اخر العام ، إنما هو عملية متكاملة يقوم من خلالها الفرد بإكتساب المعرفة والسلوكيات والقيم التي تؤهله لأن يكون عضوا فعالا في المجتمع وقادر علي التوا صل داخل المنظومة المجتمعية .
وينقسم التعليم الرسمي إلي ثلاث مراحل وهي :
- التعليم الأساسي : او ما يعرف بالتعليم الإلزامي الذي تضمنه الدولة بإعتباره حق أساسي للطفل يتلقي فيه الطفل المناهج التعليمية البسيطة كالقراءة والكتابة والحساب التي تساعده علي الفهم والإدراك لمتطلبات الحياة .
- التعليم الثانوي : وهو الحلقة المشتركة بين التعليم الإلزامي والجامعي ، من خلاله يعد الطالب نفسه حتي يكون قادر علي الإلتحاق بالجامعة أو أن يتعلم حرفه او مهنة يفيد بها المجتمع ويجد فرصة عمل ملائمه.
- التعليم العالي او الجامعي : وهي المرحلة التي يتلقي الطالب فيها تعليما جامعيا متخصصا في مجال معين كالطب والصيدلة واللغات وغيرها من التخصصات وتعلم مهارات البحث العلمي المنظم .
وهناك نوع اخر من التعليم وهو التعليم الحر الذي يقوم من خلاله الفرد بالإلتحاق بأحد الدورات في مجال معين او يقوم بالبحث الذاتي لتعلم خبرات مختلفة في مجالات متنوعة .
يمكنك أيضًا قراءة: تعرف على تكنولوجيا التعليم والمراحل التي مرت بها تكنولوجيا التعليم على المستوى العالمي
العلاقة بين الثقافة والتعليم
ويمكن القول أن هناك علاقة وثيقة بين التعليم والثقافة ، فالتعليم قد يكون إلزاميا للفرد حيث يقوم الأهل بإلحاق الإبن بأحدي المدارس لتلقي العلم لكن الثقافة سلوكا ونشاطا اختياريا لاشك ، فهناك مثقفين لم يكملوا مراحلهم التعليمية بينما يعد كثير ممن يسمون بالمتعلمين عديمي الثقافة . وكذلك التعليم قد يخرج فردا متخصصا في مجال معين أو مهنة معينة او منحصرا في نوع واحد من انواع العلوم ، لكن الثقافة تنتج فردا ملما بكل انواع العلوم ، لديه وعي كاف يمكنه من الفهم والتعامل مع الظواهر المحيطة به والقدرة علي حل المشكلات .
أليات تطوير التعليم
وثمة مشكلة حقيقية يعاني منها الكثير من البلدان في الوطن العربي ألا وهي انهيار مستوي التعليم بها ، حيث يعاني التعليم من ضعف في المحتوي التعليمي وفقر الإمكانيات والموارد التي تتضمنها العملية التعليمية ، واعتبار التعليم هو سباق من اجل الفوز بمقعد في إحدي الكليات .
يقول نجيب محفوظ في إحدي مقالاته التي تضمنها كتابه ( حول الثقافة والتعليم) أن من يتاح لهم فرصة الإستمرار في التعليم يعانون من مناهج تعليمية تفتقر للإبداع وغرس روح التفكير والذكاء وتكوين شخصية حقيقية ، إنما هم يشاركون في ماراثون سنوي للحاق بالجامعة لينتهي بهم المطاف ضمن أفواج من العاطلين الذين لا يحتاج اليهم سوق العمل .
ومن هنا تصبح عملية تطوير التعليم ضرورة مُلحة لابد من القيام بها ضمن قواعد منظمة، وقد نادى عميد الأدب العربي طه حسين في كتابه (مستقبل الثقافة في مصر) بضرورة تطوير التعليم وإعطاءه الأولوية بإعتباره ضمان تحقيق التقدم والرخاءالمجتمعي والتميز الحضاري والإبداع من خلال بعض النقاط التي أشار اليها ألا وهي :
- إنشاء مجلس التعليم الأعلي والذي يشمل كافة فروع التعليم ممثلا عناصر من خارج وزارة التعليم .
- ضرورة اصلاح نظام الإمتحانات بشكل يجعله وسيلة وليس غاية .
- إصلاح الإشراف والتوجيه الفني علي التعليم وإعادة النظر فيه .
- كما بات تطوير المناهج التعليمية والإبتعاد عن الرتابة و”الحشو” أمرا حتميا بما يتماشي مع مواكبة تكنولوجيا العصر الحديث وتلبية إحتياجات سوق العمل .
- كما تعد عملية تنظيم وتدعيم العلاقة بين ثلاثي المنظومة التعليمية المعلم والطالب والمدرسة ومراعاة جودة المدارس وصلاحيتها أمرا ضروريا بطبيعة الحال .
يمكنك أيضًا قراءة: هل تعرف أن أحمد خالد توفيق ألف أكثر من 230 رواية ومؤلفات أدبية؟
الفرق بين التعليم والثقافة
هناك عدة فروقات بين التعليم والثقافة والتي لابد علينا معرفتها جيدًا حتى نستطيع أن نفهم الحياة بالطريقة الصحيحة، وهذه الفروقات توجد في:
- العالمية والشمول: حيث هناك فرق واضح في العلم والثقافة، فالعلم عالمي أي له قواعد وأسس عالمية إشترك في تكوينه العالم بأكمله أما الثقافة فهي تختلف من شعب وأمه إلى أخر، فلكل أمه ثقافتها الخاصة بها تابعه لهويتها وعاداتها وتقاليدها ومصادر تلقي هذه الثقافة منها.
- التبادل: يمكن للعالم بأكمله أن يتبادل علمه مع الدول المختلفة، أما الثقافة فهي للدولة التي يعيش فيها هذه الأمه وتأتي بموافقة الدول والكياناتـ فهناك دول لا تسمح بدخول ثقافات دول أخرى لها وهناك العكس.
- الأثر: للثقافة بصمة واضحة تترك أثرها على الأمة التي بها، فلكل أمة طابع ثقافي خاص بها على عكس التعليم.
- الوصول والاكتساب: يمكنك الوصول إلى العلم من خلال تجاربك العلمية والتي تُبنى على البحث الدقيق والدراسات العميقة والتطبيقات المتكررة حتى تصل للنتيجة المنطقية والعلمية التي تُفيد البلد، أما الثقافة فيمكن الوصول لها واكتسابها عن طريق البحث والاستكشاف والأخبار التي تسمعها وتقرأها وجهودك العقلية.
- الجوانب الأخلاقية: يركز العلم على قيادة الفرد لإنتاج الأجهزة وصناعة المعدات والأدوية، أما الثقافة فهي من تُركز على الجانب السلوكي والأخلاقي وغرس وزرع القيم الأخلاقية بين الأشخاص.
يمكنك أيضًا قراءة: اللغة الهيروغليفية.. تعلمها مكتشفيها في حوالي 1400 سنة، تعرف على قصتها وكيف إكتشفوها؟
كيفية تعزيز الثقافة بين الأشخاص
هناك العديد من السبل التي تساعد على تعزيز الثقافة وإحيائها من جديد بين الأفراد، ومنها التركيز على القراءة الهادفة ومتابعة وسائل الإعلام للتعرف على ثقافة المحيطين بنا والدول الأخرى، أو من خلال وسائل الانترنت حيث تساعد الثقافة على بناء كيان الإنسان ونفسيته وتزويده بالمعرفة الصحيحة والصحية وبناء أمة مجتمعية متساوية في نفس الوقت.