وُلد نجيب الريحاني في يناير 1889 بِمدينة القاهرة ، والده يُدعى " إلياس ريحانة " من أصول عراقية وكان يعمل بتجارة الخيل ثم تزوج امرأةً مصريَّة قبطيَّة أنجب منها ثلاثة أبناء منهم نجيب الريحاني، كانت باب الشعرية هى منشأ وولادة الريحاني تعلق بها تُعلقاً شديداً ، إلتحق نجيب الريحاني بمدرسة الفرير الفرنسية حيثُ تلقَّن تعليمه بِتلك اللُغة حتَّى ألمَّ بها إلمامًا كبيرًا. وكان يتميَّز في هذه المرحلة من حياته بِهُدوئه وميله لِلعُزلة وانكبابه على الدراسة، وأظهر معها اهتمامًا باللُغة العربيَّة والأدب، فتأثر بالمُتنبي وأبو العلاء المعرِّي .
هذا الميل الأدبي تبلور لديه في حُب الشِّعر، الذي كان يُجيد إلقائه بِاللُغتين العربيَّة والفرنسيَّة، ممَّا أثار انتباه مُدرسيه، وفي مُقدمتهم الشيخ بحر أُستاذ اللُغة العربيَّة، الذي أبدى إعجابه الشديد بإلقاء الريحاني لِلشعر، وأثنى على حُبِّه للتمثيل، فأخذ يعهد إليه بِإلقاء الشعر في المُناسبات، ورشَّحهُ لِعدَّة مسرحيَّات مدرسيَّة وأسند إليه فيها أدوارًا تمثيليَّة. ولم يمضِ وقتٌ قصير حتَّى أسند إليه رئاسة فريق التمثيل. وكان الريحاني حين يعود إلى بيته، يُغلق باب حُجرته، ويُدرِّب نفسه على الإلقاء بِصوتٍ مُرتفع يبلغ مسامع الجيران.

محطات من حياته المهنية:
أنهى نجيب الريحاني دراسته والتحق بالبنك الزراعي ثم ما لبث أن تم فصله نظراً لإهتمامه بالمسرح وكثرة غيابة عن عمله حتى قال في مذكراته "وَلَم تَجِد إِدَارَةُ البَنكِ إِزَاءَ هَذِهِ الحَالَاتِ الصَّارِخَةِ إلَّا أن تًسْتَغنِي عَن عَمَلِي. وَأيُّ عَمَلٍ يَا حَسْرَة؟ هُوَّ أَنَا كُنت بَاشْتَغَل؟ " ، بعد فترة طويلة قضاها الريحاني بلا عمل تحوَّل لِلبحث عن عملٍ في مجالٍ آخر غير المسرح، حتَّى كانت سنة 1910م، حيثُ التحق بِشركة السُكَّر بِنجع حمادي في صعيد مصر. وسارت أحواله على ما يُرام خلال سبعة أشهر، لكن تم فصله منها أيضا بعد محاولة مُغازلة زوجة مدير الحسابات ، وذاعت أنباء الفضيحة في ، ففُصل الريحاني من عمله، وعاد إلى القاهرة وإلى الجُلوس في المقهى.

بداية المشوار الفني:
‏ ‏لم‏ ‏يجد‏ ‏الريحاني‏ ‏وعزيز‏ ‏عيد‏ ‏سوي‏ ‏مقهي‏ ‏برنتانيا‏ ‏وهي‏ ‏بمثابة‏ ‏ناد‏ ‏للفنانين‏ ‏العاطلين‏ ‏وكان‏ ‏يملك‏ ‏المقهي‏ ‏رجل‏ ‏يوناني‏ ‏اسمه بركلي يحب فن التمثيل وكان يجتمع عنده إستيفان روستي وأمين عطا وأمين صدقي ، وبالفعل ساعدهم مسيو بركلي واستأجر لهم مسرح الشانزليزيه بالفجالة ، ولم يكن مسرحاً بالمعنى الحقيقي وإنما كان أشبة بجراج وحاولوا تجهيزه بقدر المُستطاع ، ثم قررت الفرقة أغرب قرار في تاريخ المسرح وهو على المتفرج أن يحضر بكرسيه معه.

إنتعشت‏ ‏حالتهم‏ ‏الاقتصادية‏ ‏بعض‏ ‏الشيء‏ ‏ففكروا‏ ‏في‏ ‏الانتقال‏ ‏إلي‏ ‏مكان‏ ‏آخر‏ ‏هو‏ ‏مسرح‏ ‏بريتانيا‏ ‏مكان‏ ‏سينما‏ ‏كايرو‏ ‏بلاس بشارع‏ ‏عماد‏ ‏الدين فكان‏ ‏نقطة‏ ‏تحول‏ ‏في‏ ‏حياة‏ ‏نجيب‏ ‏الريحاني‏ ‏وكون‏ ‏فرقة‏ ‏تمثيلية‏ ‏تحمل‏ ‏اسمه‏ ‏وانضم‏ ‏إليه‏ ‏سيد‏ ‏درويش‏ ‏وبديع‏ ‏خيري، ‏ولم‏ ‏يستمر‏ ‏عمل‏ ‏نجيب‏ مع‏ ‏فرقته‏ ‏طويلا‏ ‏وفشلت‏ ‏التجربة‏ ‏الأولي‏ ‏وعاد‏ ‏إلي‏ ‏مقهي‏ ‏برنتانيا .
عمل نجيب الريحاني على مسرح رينيسانس بشارع فؤاد الأول – 26 يوليو حالياً ، ثم إقترح الخواجة ديمو كونجاس الفرنسي أن يتشارك مع الريحاني في بناء مسرح وذلك بعد رفض مالك مسرح رينيسانس تجديد العقد لهم ، وعلى الفور تم شراء مقهى بشارع عماد الدين المجاور لسينما ستديو مصر – سينما ريتسي حالياً .

وقام‏ ‏بهدم‏ ‏المقهي‏ ‏لإقامة‏ ‏المسرح‏ ‏في‏ ‏شارع‏ ‏عماد‏ ‏الدين‏ ‏وأطلق‏ ‏عليه‏ ‏مسرح‏ ‏الإجيبيسيانة‏ الذي أصبح يحمل اسمه فيما بعد وكانت أول مسرحية تقدم عليه ، مسرحية " حمار وحلاوة " وكانت نقطة تحول في تاريخ المسرح الإستعراضي في مصر والعالم العربي حيث إستعان براقصات أجنبيات .

العودة إلى السينما:

ابتعد نجيب الريحاني عن السينما فترة ليست قصيرة ثم عاد بقوة ليقدم للسينما أروع الأفلام مثل : صاحب السعادة كشكش بيه ، سلامة في خير ، سي عمر ، لعبة الست ، أحمر شفايف ، أبو حلموس ، ثم حدث لقاء السحاب بينه وبين ليلى مراد وكانت نجمة السينما المصرية وقتها ، حيث تقابلا في مصعد عمارة الأيموبليا حيث كانا يسكنا فيها وطلب منها أن يجمعهم عمل سينمائي واحد ، فوفقت ليلى مراد على الفور ، وقدموا للسينما المصرية فيلم " غزل البنات " وذلك بمشاركة أنور وجدي وهذا الفيلم تم إختياره ضمن أحسن 50 فيماً عام 1950.

وفاته:
جاءت وفاة الريحاني بمثابة الصدمة للكثيرين، حيث أن مرض التيفوئيد لم يكن له علاج وقتها في مصر، وقد قيل أن رئيس الوزراء مُصطفى النحَّاس باشا أمر بإحضار الحقن المُخصصة لِلعلاج من الخارج وتمَّ إحضارها بالفعل. فيما كشف الناقد المسرحي أحمد سخسوخ، العميد الأسبق لمعهد الفنون المسرحيَّة، عن أنَّ وفاة الريحاني كانت بسبب إهمال مُمرضته بالمُستشفى اليوناني، حيث أعطته جرعة زائدة من عقار الأكرومايسين ليموت بعدها بِثوانٍ.

و تُوفي نجيب الريحاني في 8 يونيو 1949م ، عن عمر ناهز الستين عامًا، بعد أن تفاقمت حالته بسبب التيفوئيد، والذي أثر سلبًا على صحة رئتيه وقلبه وكان سببًا أساسيًا في وفاته في المستشفى اليوناني بالعباسيَّة. وقد تضاربت الأقاويل حول مدى لحاق الريحاني بتصوير مشاهده في آخر أعماله "غزل البنات" ، مما اضطر مخرج العمل، أنور وجدي، بعمل تغيير بنهاية العمل .

ترك نجيب الريحاني بصمةً كبيرةً على المسرح العربي والسينما العربيَّة، حتَّى لُقِّب بِـ«زعيم المسرح الفُكاهي» في مصر وسائر الوطن العربي، ويرجع إليه الفضل في تطوير المسرح والفن الكوميدي في مصر، وربطه بالواقع والحياة اليوميَّة في البلاد بعد أن كان قبلًا شديد التقليد للمسارح الأوروپيَّة، ويُعرف عنه قوله في خليطٍ من اللهجة المصريَّة العاميَّة واللُغة العربيَّة الفُصحى"عايزين مسرح مصري، مسرح ابن بلد، فيه ريحة "الطعميَّة و"المُلوخيَّة، مش ريحة البطاطس المسلوق" والبُفتيك... مسرح نتكلَّم عليه اللُغة التي يفهمها الفلَّاح والعامل ورجل الشارع، ونُقدِّم لهُ ما يُحب أن يسمعهُ ويراه "وكان لِلريحاني وأُسلوبه التمثيلي تأثيرٌ على العديد من المُمثلين اللاحقين، منهم فُؤاد المُهندس الذي اعترف بتأثير أُسلوب الريحاني عليه وعلى منهجه التمثيلي .

مقالات متعلقة بـ : نجيب الريحاني

إسماعيل ياسين‎

إسماعيل ياسين‎

وفاة أم كلثوم‎

وفاة أم كلثوم‎

علاقة أم كلثوم بالزعيم جمال عبد الناصر‎

علاقة أم كلثوم بالزعيم جمال عبد الناصر‎

أبرز الملحنين الذين لحنوا أغاني أم كلثوم‎

أبرز الملحنين الذين لحنوا أغاني أم كلثوم‎

من هي أم كلثوم؟‎

من هي أم كلثوم؟‎

من هو سعيد صالح‎

من هو سعيد صالح‎

تاريخ السينما المصرية‎

تاريخ السينما المصرية‎

معلومات عن الكواكب و الأبراج‎

معلومات عن الكواكب و الأبراج‎