أيوب عليه السلام هو نبي من أنبياء الله سبحانه وتعالى وهو القدوة في الصبر واشتهر بذلك ومعجزته في الصبر، وهو أحد أحفاد ومن ذرية نبي الله اسحاق عليه السلام، فقد كان له 12 ولدا وهم ( الأسباط) الذين ذكرهم الله في كتابه العزيز.
يقول الله تعالى عن ابراهيم عليه السلام : " وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) ( سورة الانعام )
فبعدما فقد جميع ما تنعم به أصيب بالمرض والفقر وصبر على ذلك إلى أن دعا الله عز وجل أن يبعد عنه البلاء واستجاب الله تعالى لدعاءه وأنجاه، وفتح عليه من كنوزه.
أيوب عليه السلام النبي المرسل
يقول الله تعالى في سورة النساء: ۞ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163)
بعثه الله تعالى إلى قوم حوران في الشام وكان صلى الله عليه وسلم غني أتاه الله النعم، كان عنده الدواب الكثيرة وكان عنده أعداد هائلة من العبيد ورزقه الله الأراضي فكان تاجر كثير التجارة، ورزقه الأولاد فكان له سبع أولاد وسبع بنات وكان
صاحب صحة موفورة وقوة وجسم عظيم، وكان له أعداد كبيرة من الأصحاب، فأتاه الله سبحانه وتعالى أصناف النعيم.
ثم إن الله سبحانه وتعالى أراد أن يبتليه ليكون اختبارا له ويكون قدوة للناس من بعده في مسألة الصبر وجاء الابتلاء ففنى ماله حتى صار فقيرا، ومات أولاده الواحد تلو الآخر جميع الأولاد والبنات يموتون جميعا في حياته.
أيوب عليه السلام يبتلى فيفقد ماله وابناءه وصحته
وابتلاه الله بالمرض الشديد حتى وصل به المرض أنه أقعد لم يستطيع الوقوف وحتى أنه كان يسقط اللحم من جسمه فوصل به الابتلاء الشيء العظيم وفقد الأصحاب وخافوا من أن تنقل لهم عدوى، وما بقى منه إلا صاحبان يحدثانه من بعيد، وما كان أحد يخدمه إلا زوجته الوفية عليها السلام.
وأخذت زوجته تعينه فكانت هي التي تطعمه وتشربه وتغسله وتنفق عليه من مالها، حتى فنى مالها جميعا فأخذت زوجته تعمل بالأجرة تخدم الناس لاطعام زوجها.
النبي المرسل مبتلى بهذه الصورة واستمر أيوب عليه السلام في هذا البلاء 18 عاما وهو صابر لا يشتكي لأحد، على هذا الحال والفقر والمرض فقالت له زوجته لو دعوت الله عز وجل يعني يفرج عنهم، ما كان يدعوا بالتفريج كان راضي بقضاء الله ويحمده على كل شيء.
فقال لها كم لبثنا في الرخاء؟ قالت ثمانين سنة. قال إني استحيي من الله أن أدعوه ما مكثت في بلائي المدة التي مكثتها في رخائي. ما أدعوه أن يشفيني ويفرج عني ويرزقني إلا أن يمضي علي ثمانين سنة.
فعندها يئست فقالت إلى متى هذا البلاء؟!
فغضب وأقسم بالله أن يضربها مئة سوط إن شفاه الله.
ووصل بها الأمر أن الناس ما عادوا يستأجرونها، خوفا من نقل المرض من زوجها. وظل على هذا الحال جائعين وفي يوم أتت له بطعام فتساءل فلم تخبره.
وإذا هي ذهبت فباعت ضفيرتها لكي تأكل هي وزوجها وبعد أيام انتهى الطعام فذهبت وحلقت باقي شعرها وباعته. فتعجب من أين لكِ الطعام؟! وسكتت وألح فألح فكشفت عن شعرها فإذا هي حليقة الشعر.
أيوب يدعوا الله سبحانه وتعالى بالخير
عندها لما وصل به الأمر لهذا الحال قال قولة ليست هي دعاء صريح.
يذكرها الله في كتابه العزيز :
۞ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) ( سورة الأنبياء)
وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ( سورة ص )
ما نسب الشر إلى الله بل نسبه إلى الشيطان، ولم يدعوا فقط أظهر الحال، وعندها استجاب الله سبحانه وتعالى فورًا.
فصبر أيوب يضرب به المثل على مر التاريخ، فلما دعا ربه بهذه الطريقة كشف الله عنه العذاب:
يقول الله ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) سورة "ص"
ضرب برجله فانفجر ينبوع من الماء واغتسل وشرب ورجعت صحته في لحظات وشفي.
وجاءت زوجته ما عرفته فقالت له هل رأيت هذا المبتلى نبي الله؟! والله ما رأيت رجلا أشبه منك به إذ هو صحيح.
فقال ما عرفتيني ؟
قالت من أنت؟!
قال أنا أيوب!!
الله سبحانه وتعالى يعيد له الصحة والولد والمال والزوجة والشباب
وأعاد الله سبحانه وتعالى له نعمة الأهل. يقول ابن عباس : الله لم يكرمه فقط بل أكرمت زوجته التي صبرت على البلاء، فرجعها شابة وولدت لـ أيوب ستة وعشرون ولدا.
يقول الله: وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43) سورة ص
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ (84) سورة الأنبياء.
وأرجع الله سبحانه وتعالى له الغنى فورًا، يروي الإمام البخاري وأحمد وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " بينما أيوب يغتسل عريانًا إذ خر عليه رجل جراد فإذا هي جراد من ذهب فجعل أيوب يحثو في ثيابه فقال الرب عز وجل يا ايوب ألم أكن أغنيتك عما ترى، فقال أيوب بلى يارب ولكن لا غنى لي عن بركتك".
رجل جراد يعني طائفة من الجراد.
فرجع ماله وأهله وصحته بعد هذا الصبر العظيم الذي صبره، والله رفق بزوجته حيث قال الله تعالى له :
الله يشرع لـ أيوب تشريعًا حتى لا يحنث في قسمه
وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ۗ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44) سورة ص.
أي يأخذ 100 قشة ليضرب زوجته ولا يحنث بقسمه، يعني ما تركت القسم وبررته، فرحم الله زوجته بهذا الأمر من الله سبحانه وتعالى.
يقول الله تعالى:
۞ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ (84) سورة الأنبياء.
وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ۗ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44) ( سورة ص).