ودائما تأتي البشرية باختراعات عجيبة وغريبة تدهش العالم أجمع، فالإنسان دائما يسعى إلى الوصول لما يتخطى حدود العقل.
مدينة ليما هي عاصمة جمهورية بيرو وأكبر مدنها وهي المركز الثقافي والاقتصادي والصناعي للبلاد ومحور المواصلات فيها، تقع مدينة ليما بين أنهار تشيلون وريماك ولورين، وهي المدينة الخامسة في أمريكا اللاتينية بعد مكسيكو سيتي، ساو باولو، بوينس آيرس، وريو دي جانيرو، كما أنها في طريقها لأن تصبح مدينة عالمية، يبلغ تعداد مدينة ليما حوالي 9 مليون نسمة ويشكل الإنتاج الصناعي للمدينة حوالي ثلثي الإجمالي الصناعي للبلاد، أسس مدينة ليما الكونكيستدور الأسباني فرانسيسكو بيسارو في 18 يناير 1535 ميلاديا، وأطلق عليها اسم مدينة الملوك، ثم أصبحت عاصمة وأهم مدن التاج الإسباني في بيرو، وبعد حرب الاستقلال أصبحت ليما عاصمة جمهورية بيرو. وبقيت لثلاث قرون أهم تجمع حضري في قارة أمريكا الجنوبية.
أصبحت ليما ثاني أكبر مدينة في العالم ولكنها تعاني من نقص شديد في المياه الصالحة للشرب مما دعا الباحثون في بيرو مع وكالة الإعلان للتفكير والوصول إلى حل لمشكلة نقص المياه الصالحة للشرب في ليما.توصل الباحثون في مدينة بيرو إلى ابتكار عبقري لحل تلك المشكلة الضخمة وهو في نفس الوقت ابتكار بسيط جدا ولكن عبقريته تفوق بساطته وسهولته.
الابتكار الذي توصل إليه العلماء هو عبارة عن لوحة إعلانات أو لوحة الرطوبة كما أطلقوا عليها وفكرة عملها بسيطة جداً وهي تحويل الهواء إلى مياه صالحة للشرب.!
احتمالية هبوط الأمطار في صحراء الأتاكاما وهي الصحراء الأكثر جفافاً في العالم ومدينة ليما والقرى المحيطة بها في محيط 0.51 بوصة فقط في العام، فكانت تعتمد العاصمة على صرف احتياجاتها من المياه الصالحة للشرب والاستهلاك الآدمي من جبال الإنديز وسيلان الأنهار الجليدية الذائبة، ولكن بتغيير الأحوال الجوية والمناخية أصبحت تلك المصادر السابقة تأخذ في الانخفاض المستمر والملحوظ.
نتيجة لذلك أصبح يعاني 1,2 مليون شخص في مدينة ليما من نقص المياه الجارية تماماً، ولكي يستطيعوا الحصول على ما يكفيهم من المياه الصالحة للاستعمال والشرب كان عليهم التوجه إلى الآبار والتي تكون بها المياه أيضاً ملوثة، والخيار الثاني هو التوجه لشركات المياه الخاصة ويتفقون معها لتوصل إليهم المياه ولكنها أيضاً تقوم بذلك بطريقة غير منتظمة وتتقاضى أكثر من ثمن المياه الموجودة في المنازل بحوالي 20 مرة.
عندما علمت جامعة ليما للهندسة والتكنولوجيا بتلك المشكلة الضخمة بدأت بالبحث عن وسيلة لحل تلك المشكلة في أسرع وقت ممكن، وكان مما لفت نظر الباحثين أن نسبة الرطوبة الموجودة في هواء المدينة تمثل نسبة 83% وذلك يرجع إلى وقوع المدينة على طول جنوب المحيط الهادئ، مما حث الجامعة على إجراء شراكة بينها وبين وكالة مايو الإعلانية لإنشاء لوحة لافتة للنظر تنتج مياه تصلح للشرب عن طريق استخدام الرطوبة الموجودة في الهواء.
تتألف اللوحة من خمسة أجهزة أولية والتي تشكل نظام التناضح العكسي، حيث تلتقط اللوحة الهواء الرطب الذي يديره داخل فلتر الهواء في المكثف لخلق الماء الذي يمر من خلال مرشح الكربون في الخزان المركزي.
ويمكن لجميع المارة أن يحظوا بكوب من الماء البارد الصالح للشرب من خلال فتح الصنبور الموجود في قاعدة اللوحة، وتتمكن اللوحة من إنتاج 10 لتر من المياه يومياً.
ويعد تصميم اللوحة الإعلانية الفريدة من نوعها هو إلهام كبير للشباب في مدينة بيرو وتشجيعاً لهم على الدراسة في مجال الهندسة والتكنولوجيا في الجامعة، وأكد المدير الإبداعي لوكالة مايو الإعلانية على ذلك حيث قال أردنا أن يرى الطلاب في بيرو كيف يمكن للهندسة أن تحل مشاكل الاحتياجات الاجتماعية أيضاً في حالات موجودة بشكل يومي في الحياة.