نتحدث في هذا المقال عن الأحداث التي جرت بعد غرق فرعون، وهذه الأحداث جرت في سيناء وفي فلسطين ( الأرض المقدسة التي بارك الله فيها للعالمين)، فلما جاوز موسى عليه السلام وبنو اسرائيل البحر واتجهوا إلى سيناء ونجوا، جاءت الأوامر لموسى عليه السلام من ربه سبحانه وتعالى أن يأتي مع قومه إلى جبل الطور حيث واعده الله سبحانه وتعالى هناك أن ينزّل عليه التوراة لتكون شريعة له ولقومه.
موسى يستعجل ويذهب إلى الوادي المقدس
ووعده الله سبحانه وتعالى أن يأتي إلى جبل الطور ويقضي 30 ليلة ( شهر كامل ) يتلقى فيها التوراة وبدأ الناس يتحركون واستعجل موسى عليه السلام ليسبق قومه إلى جبل الطور ليرضي الله، وحرصا على أن يأخذ التوراة بسرعة.
عدد بنو اسرائيل كان 600 ألف تقريبًا وهو عدد كبير وحركته بطيئة فتحرك موسى وسبقهم عليه السلام، ووصل إلى جبل الطور وهناك وللمرة الثانية عند الشجرة المباركة يكلم الله دون أن يراه، وفي هذا المكان المقدس اسمه الوادي المقدس طوى، وهناك بدأ يتلقى التوراة.
وموسى عليه السلام أخبر قومه أنه سيرجع إليهم بعد ثلاثين يوما ولما انتهت الثلاثين يوما كان يصوم موسى ارضاء لله ثم شعر أنه من كثرة الصيام أن رائحة فمه تغيرت فأفطر حتى ترجع الرائحة طبيعية فعاتبه الله عز وجل قال له لما افطرت؟
قال تغيرت رائحة فمي قال أما علمت أن رائحة فم الصائم أطيب عندي من طيب المسك؟ صم عشرة.
موسى يقضي 40 ليلة في الوادي المقدس
فصام عشرة أيام، وأتم ميقات ربه اربعين يومًا هذا بعدما قال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين، حيث ترك قومه حاكما عليهم يدير شؤونهم نبي الله عليه السلام هارون، وفي أثناء هذه الاربعين يوما موسى عليه السلام كان يتكلم مع الله مباشرة دون وحي ولذلك يقال على موسى ( كليم الله ) أي ليست مرة واحدة بل مرات كلمه عز وجل.
موسى يطلب من الله أن يراه
وطمع موسى عليه السلام في حب الله له وتكليمه له فقال يارب أرني أنظر إليك، أي أنه طمع أن ينظر إلى الله سبحانه وتعالى، فرد عليه قال ( لن تراني ) وفي حديث الاسراء والمعراج لما سألت السيدة عائشة النبي صلى الله عليه وسلم قال ( نورٌ أنى أراه) أي لم ير الله عز وجل.
وفي الحديث ( حجابه النار) ورواية أخرى ( النور) فإذا ازاله أحرق ما أمامه لن يتحمله أحد.
فأمر الله عز وجل موسى عليه السلام بأن ينظر إلى الجبل ولو استقر مكانه فسوف يراه، فأخذ موسى ينظر إلى الجبل، فلما تجلى ربه للجبل أي ظهر للجبل.
يقول ابن عباس ( والله ما ظهرت منه إلا أنملة الخنصر ) أي تجلى الله عز وجل بمقدار أصغر من الأصبع الصغير، وانهار الجبل من نور الله عز وجل فصار ترابا، ففقد موسى عليه السلام الوعي ولما أفاق قال له سبحانك ياربي تبت إليك وأنا أول المؤمنين.
فرد الله أنه فضله برسالته وبالكلام المباشر معه فخذ التوراة وكن من الشاكرين، وكانت مكتوبة من ألواح من حجر، وتلقى موسى أوامر الله عز وجل في التوراة لمدة أربعين يومًا.
يقول الله عز وجل في سورة (الأعراف)
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ ۚ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَٰؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَٰهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140) وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۖ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (141) ۞ وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ۚ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142) وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ (144) وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا ۚ سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145) سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ۚ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147) وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ ۚ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا
يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا ۘ اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (148) وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (149)
تابع قصص الأنبياء بالترتيب إقرأ: قصة سيدنا موسى عليه السلام (الجزء السابع)