خلال فترة التيه الاربعين عاما التي عاقب بها بني اسرائيل حدثت قصة موسى والخضر عليهما السلام، ففي يوم خطبهم موسى عليه السلام فسأله أحد بني اسرائيل من أعلم من على الأرض؟
- فقال موسى: أنا.
- فعاتبه الله عز وجل، فموسى عليه السلام كان يفترض ذلك فهو الرسول وهو كليم الله عز وجل ولا يعرف أحد بهذه المكانة على الأرض.
- فقال هناك رجل أعلم منك.
- فقال مخاطبا لله عز وجل : من هو وكيف أجده؟
- فدله الله عز وجل عليه في مجمع البحرين.
- قال كيف أعرفه من بين الناس؟
- قال له علامة وهي أن تفقد الحوت والحوت هو السمكة، إذا فقدت الحوت فهذه علامة هذا الرجل.
وقال موسى لفتاه يوشع بن نونان عليه السلام، فأكثر المفسرين والمؤرخين وعلماء الاسلام على أن يوشع نبي من أنبياء الله عز وجل وهو من تولى أمر بني اسرائيل بعد موسى وهارون.
ذهب يوشع مع موسى في هذه الرحلة، وقال له موسى أنه لن يتوقف حتى يبلغ مجمع البحرين أو يمضي حقبًا أي يمشي عشر سنوات لملاقاة الرجل.
فلما بلغ مجميع بينهما.. وهو طرفي البحر الأحمر عند التقاءهما عند خليج العقبة.
وحينما وصلا لم يكونا على علم بهذا المكان، ونسيا حوتهما واتخذ سبيله في البحر سربا يعني أن موسى ترك السمك المشوي في اناء، وموسى عليه السلام نائم، ويوشع عليه السلام جالس وفجأءة ينظر إلى السمكة المشوية تتحرك وتقفز ثم قفزت للبحر وسبحت فرجعت حيّة.
موسى وفتاه يوشع والحوت
يوشع ينظر لهذا المنظر متعجب، فلما استيقظ موسى عليه السلام نسى يوشع أن يخبره بهذا الحوت، ولما تجاوزا المكان الذي فيه العلامة قال لفتاه آتنا غداءنا لقد تعبنا من السفر.
فتذكر يوشع عليه السلام وقال له أرأيت حينما ذهبنا إلى الصخرة فلقد نسيت السمك هناك، ونسيت أن أذكر لك القصة التي هرب فيها الحوت.
فرد عليه موسى أن هذا هو المكان ولذلك تتبعا آثار أرجلهما فوجدا الخضر الذي حصل على الرحمة من الله والعلم، وأجمع المفسرون على أنه نبي من أنبياء الله.
موسى يطلب من الخضر أن يتعلم
وقال له موسى أن يرافقه حتى يتعلم منه من العلم الذي حصل عليه، فقال الخضر أنك لن تستطيع صبرا يا موسى قال له ستجدني صابرا وسأطيعك في كل ما تشاء، قال فإن اتبعتني لا تسألني عن أي شيء حتى أحدثك عنه، فوافق موسى عليه السلام وقال ليوشع ارجع لبني اسرائيل سأكمل الطريق مع الخضر.
الخضر يعطل السفينة الخاصة بالمساكين
وتحرك موسى والخضر عليهما السلام، حتى إذا ركبا سفينة خرق الخضر السفينة التي بها عمال فقراء، وطلبوا منهم العبور للضفة الأخرى فحملوهم بدون أجر، وفي الطريق نزل الخضر وموسى عليهما السلام إلى اسفل السفينة، فأخذ حديدة وبدأ يكسر الحديدة من جهة الماء ودخل الماء في السفينة وبدأت السفينة تغرق وسمع العمال بالأمر بدءوا يحملون الماء ويخرجونه للخارج.
فتعجب موسى من الفعل وقال له أخرقتها لتغرق أصحاب السفينة ، هذا منكر ما فعلته لقد جئت شيئًا غريبًا، فكان رد الخضر عليه السلام: ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا فقال له صحيح وعدتك ونسيت، وليّن معي ولا تشتد ولا تعاقبني بها.
الخضر يقتل غلام لأبوين صالحين
فسكت الخضر وسامحه فانطلقا ومشوا قليلا إذ صبيان يلعبون فجاء الخضر عليه السلام لواحد من الغلمان فهجم عليه الخضر وأسقطه في الأرض وذبحه، وموسى عليه السلام ينظر جريمة قتل أمام عينيه، قال له موسى قتلت وارتكبت جريمة هذا منكر. فقال له ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا فتذكر موسى، وقال له لو سألتك عن شيء بعد هذا فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا، فأعذرت مرة وأخرى.
الخضر يصلح الجدار المنهدم
فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية وكان أصابهم الجوع الشديد وكانوا معتادين على الضيافة، لكن هؤلاء الناس يرونهم ولا يضيفوهما وهذا كان حق في هذا الزمان، وفي الاسلام كذلك، فيجب على أهل القرية استضافة أي مسافر ثلاثة أيام ولو انقطع به السبيل.
ولم يكن تسول ولكن الضيافة، فالأنبياء لا يطلبون التسول اطلاقا، فرفض أهل القرية الضيافة مع أنها كانت واجبة وكانوا أهل سوء وكان في القرية بيت به جدار كاد أن يسقط فشمر الخضر وبدأ يبني هذا الجدار ويعدله إلى أن بناه وسواه.
موسى عليه السلام يشاهد جدار في خرابة ومائل وفي قرية من ناس أهل شر ولا يوجد به أحد ضيفه قال على الأقل كان لابد أن تطلب الأجر.
الخضر يفسر ما فعله ويفارق موسى عليه السلام
وقال له الخضر أن هنا سيكون هناك فراق بينهما بسبب الشرط الذي اشترطه على نفسه، وأنه سيفسر له الأمر وأن هذه كانت أوامر بوحي من الله عز وجل:
1- السفينة: كانت لمساكين يعملون في البحر فقد كانت سفينة عبور فقط وليست سفينة صيد فأراد الخضر أن يعيبها عمدًا وكان سيأتيهم ملك في هذه المنطقة أي سفينة يأخذها بالغصب وفعلا بعدما تركهما موسى والخضر وتحركت السفينة التي كادت تغرق وصل الملك فرأى السفينة بها عيب وتكاد تغرق فقال اتركوها ما نحتاج إليها.
2- الغلام: يقول الخضر إن الغلام أبويه كانا مؤمنين والله علم بعلمه الواسع لو أن الطفل هذا لو كبر سيكبر كافرًا وليس فقط هكذا بل طاغية يؤذي حتى أبويه فمن رحمة الله عز وجل على هذين الولدين المؤمنين أن يموت هذا الطفل قبل أن يكبر، وبعدما مات الطفل حملت المرأة المؤمنة ورزقهما بولد بدل الذي قتل وهذا الولد صالح وطيب وبار بوالديه.
3- الجدار المائل في البيت: الحائط كان لغلامين يتيمين في اليتيمة وكان تحت الجدار كنز، ولو سقط الجدار لانكشف الكنز ولأخذه أهل القرية الأشرار لأنه لغلمين يتيمين ما يستطيعوا الدفاع عن أموالهما، وكان أبوهما صالحًا.
تابع قصص الأنبياء بالترتيب إقرأ: قصة سيدنا موسى عليه السلام (الجزء 12)