عاد موسى برفقة الـ 70 رجل من بني اسرائيل إلى بقية القوم وأمرهم الله بأن يذهبوا إلى القدس والتي كان اسمها حينها ايلياء وكان يحكمها قوم بأجسام كبيرة وأعداد كثيرة وكانوا في منتهى القوة والجبروت، وكانوا مسيطرين على تلك المنطقة.
وأراد موسى عليه السلام فتح القدس للسيطرة على كل المنطقة، ولما وصل موسى وبنو اسرائيل إلى القدس استعد قوم ايلياء للمعركة وأغلقوا عليهم الحصون فخاف هؤلاء الجبارون وهنا موسى عليه السلام أمر بنو اسرائيل بالهجوم الكاسح على القدس، فرفضوا وقالوا نحن أهل زرع وغنم، ولا نعرف القتال وكنا مستعبدين لدى المصرين 430 سنة فقال موسى عليه السلام لهم أخذت منكم الميثاق والعهد أن تطيعوني ولو هاجمتم ستفتحون ايلياء وتسيطرون على الأرض المقدسة.
يصف الله عز وجل هذا العناد مرة أخرى فيقول...
يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (23) قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ۖ فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26) ( سورة المائدة).
وهنا المقصود بالرجلين ( موسى ) و ( هارون) الذين قالوا ادخلوا الباب فقط وسيفر قوم ايلياء ولم يكن مطلوب هجوم من كل مكان، فالأمر كان بسيط، ولابد من التوكل على الله.
ولم يطع من الـ 600 ألف من بني اسرائيل واحد حتى السبعين الذين ذهبوا معه الوادي المقدس، واساءوا الأدب مع النبي موسى عليه السلام، فال موسى أنه لا يوجد أحد إلا نفسه وأخيه هارون فدعا على قومه.
وهذه أول مرة يدعوا فيها موسى عليه السلام على بني اسرائيل، وهنا جاء أمر الله عز وجل وحرّم على بني اسرائيل دخول القدس لمدة 40 سنة يتيهون في الأرض، ولم يبتلى قوم من هذه المدة إلى البلاء.
وساروا مسافات بعيدة ويدورون ولا يذهبون إلى المكان الذين يسيرون عليه وظلوا هكذا أربعين عامًا، وخلال هذه الفترة كيف كانوا يعيشون؟ وماذا يأكلون وماذا يشربون؟
الله لم يرغب في اهلاكهم بل أراد معاقبتهم، وخلال فترة التيه حدثت لهم بعض معجزات وهي السقيا
معجزة السقيا من 12 عين ماء
ضرب موسى عليه السلام حجرًا انفلقت منه 12 عينًا من المياه معجزة أخرى وجديدة لبني اسرائيل الـ 12 قبيلة تشرب من كل عين، وقد علم كل قبيلة من أين يشرب.
وكانوا إذا بدءوا يسيرون توقف نبع الماء من الحجر فيحملون الحجر معهم وإذا نزلوا ووضعوا الحجر سال منه الماء وهذا حياتهم لمدة 40 عاما.
يقول الله تعالى في سورة البقرة: " ۞ وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ۖ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ۖ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ ۖ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60)".
معجزة الغمام والمنّ والسلوى
فأصابهم حر الشمس في الصحراء لذلك ظلل الله عليهم الغمام، وإذا جاعوا كانوا يأكلون طيور السلوى وقت الطعام وتكون بينهم ولا تهرب منهم، فكان يأخذه ويشويه ويأكله وطعمه من ألذ ما يمكن، وينزل عليهم المنّ واختلف العلماء في تفسير المنّ ولكن مما قيل فيه أنه سائل ينزل على الشجر بعضه كالعسل، وقيل أنهم كانوا يأخذونه أبيض يتحول إلى جزء فكانوا يأكلون ويشربون ويتظللون لمدة أربعين عامًا وهم على هذا الحال.
وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ ۖ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ۖ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57)
تابع قصص الأنبياء بالترتيب إقرأ: قصة سيدنا موسى عليه السلام (الجزء العاشر)