في سجل الفاتحين العظام تجد إسمه ، وفي سير الحكًام العدول تجد رسمه ، يشهد له الخصوم قبل الأصدقاء، تمتلئ سيرته بالهمة العالية والذكاء البالغ والرحمة والعدل والتواضع، تعامل مع خصمه كما يتعامل الشريف وتعامل مع حلفائة كما يتعامل السياسي البارع، كل ذلك لن تجده إلا في يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدُويني التكريتي المُلقب بـ (صلاح الدين الأيوبي) .
المولد والنشأة:
ولد صلاح الدين في تكريت في العراق عام 532 هـ/1138م وهوينحدر من أصول غير عربية حيث يرجع نسب الأيوبيين إلى أيوب بن شاذي بن مروان من أهل مدينة دوين في أرمينيا، ويرفض بعض ملوك الأيوبيين هذا النسب ، وكان نجم الدين والد صلاح الدين قد انتقل إلى بعلبك حيث أصبح واليًا عليها مدة سبع سنوات وانتقل إلى دمشق .
قضى صلاح الدين طفولته في دمشق حيث أمضى فترة شبابه في بلاط الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي أميردمشق. إن المصادر حول حياة صلاح الدين خلال هذه الفترة قليلة ومبعثرة، لكن من المعروف أنه عشق دمشق عشقًا شديدًا، وتلقى علومه فيها، وبرع في دراساته، حتى قال عنه بعض معاصريه أنه كان عالمًا بالهندسة الإقليدية والرياضيات وعلوم الحساب والشريعة الإسلامية، وتنص بعض المصادر أن صلاح الدين كان أكثر شغفًا بالعلوم الدينية والفقه الإسلامي من العلوم العسكرية خلال أيام دراسته .
تطهير مصر من الدولة الفاطمية:
لما قدم صلاح الدين إلى مصر كانت مصر تحت حكم الدولة الفاطمية ، والدولة الفاطمية تقوم على المذهب الشيعي، فلما ستقرت الأمور في مصر لصلاح الدين شرعان ما قرر القضاء على الدولة الفاطمية، وبالفعل عزل كل القضاه الشيعه وستبدلهم بقضاه وفقهاء شافعيون ( المذهب الشافعي) .
صلاح الدين ومعركة حطين
واذا ذُكر صلاح الدين الأيوبي ذُكرت معركة حطين ، تلك المعركة التي فرًقت بين الحق والباطل وأحدثت خللاً في موازين القوي انذاك ، حيث طهًر صلاح الدين بيت المقدس من الصليبيين بعدما عاثوا فيها الفساد والدمار ، فكان الفتح العظيم والتحرير المُبين من حظ صلاح الدين ، فخاض حطين بقوة وإباء وانتصر على الصليبيين وظفر منهم وعادت بيت المقدس للحكم الإسلامي مرة خرى .
قالوا عن صلاح الدين:
“إن الملك صلاح الدين عامل رعيته في بلاد مصر بخير يعجز الواصف عن وصفه وأرسى العدل وأحسن إلى المصريين وأزال مظالم كثيرة على الناس وأمر بإبطال الملاهي في بلاد مصر وأبطل كل منكر شرير وأقام حدود شريعة الإسلام. وكان يجلس للحكم بين الناس فينصف المظلوم من الظالم ويكون في مجلسه مجموعه من الفقهاء ومشاهير الدولة للنظر في القضايا بين الناس والعمل بما توجبه أحكام الشريعة والحق والعدل “ابن المقفع”.
وفاة صلاح الدين:
أُصيب صلاح الدين بالحمى الصفراوية يوم السبت في 20 فبراير سنة 1193 م ، وأخذ المرض يشتد ويزيد، حتى قال طبيبه الخاص، أن أجل السلطان أصبح قاب قوسين أو أدنى، واستمر المرض يشتد حتى انتهى إلى غاية الضعف، وبعد تسعة أيام حدثت له غشية وامتنع من تناول المشروب، ولمّا كان اليوم العاشر حُقن دفعتين، وحصل له من الحقن بعض الراحة، لكنه عاد واشتد عليه المرض حتى يأس الأطباء من حاله توفي صلاح الدين فجر يوم الأربعاء في 4 مارس سنة 1193.