كثيرا ما نسمع ( فكر بإيجابية ) أو ( خليك إيجابي ) كلمات نسمعها كثيراً في حياتنا اليومية وأكثرنا لا يعرف حقيقة معنى الإيجابية ، وكما يقول الأوصوليون ( أن ضبط المعنى يتوقف على ضبط اللغة ) فالإيجابية تعنى باختصار شديد : الخروج من التمركز حول الذات إلى الانفتاح على العالم الخارجى ، والرغبة الحقيقية فى إصلاح الذات وإصلاح المجتمع ، ووجود إرادة التغيير للأفضل ، والقدرة على التفاعل الجيد مع الآخرين .
وحتى تكون شخصا إيجابياً لابد أن تتخذ الإيجابية سلوكاً عاماً فى حياتك وتتعايش به ولكن لابد لهذا السلوك من دوافع قوية حتى ينطلق ، ولا توجد دوافع قوية كالدوافع الدينية ، لما للدين من مكانة عظيمة فى نفوس الناس ، ربما تلاحظ فى الخطاب القرأنى الموجة للناس أن الله يحث الناس على المسارعة والمسابقة والتغيير الى أحسن حال (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) ال عمران
(سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) الحديد ، ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) الانبياء . لتلاحظ ان الإيجابية ليست فقط مطلب إنساني بل هي مطلب قرأنى جاء ليؤكد هذا المعنى ويكون دافعاً قويا للإنسان أن يكون إيجابياً .
وإستباقاً من فكرة أن الإيجابية مطلب قرأنى بحث تجد الكثير من القصص القرأنى يتحدث حول معنى هذه القيمة فى حياتنا ، أن الإنسان لابد أن يكون شخصاً إيجابياً فاعلاً فى مجتمعه ، صالحاً فى نفسه ومُصلحاً لغيره . تجد ذلك بإستقراء القرأن الكريم وتدبر قصصه
1/ مؤمن القرية :
جاء السياق القرأنى فى هذه القصة ليؤكد حول هذا المعنى ، فبعد أن أرسل الله ثلاثة رسل إلى أهل هذه القرية إلا إنهم رفضوا رسالتهم حتى سمع رجل كان يسكن بعيدا عن القرية بهذا الخبر فما كان منه إلا أنه جاء إليهم يدعوهم بإتباع الرسل (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) يس، هذا الرجل تألم وحزن قلبة لما علم أن أهل القرية رفضوا الإيمان بالله فكانت الأيجابية هى المحركة له بأن جاء من بعيد حتى يحث الناس على إتباع الرسل .
2/ نملة سليمان :
كذلك تجد أن الله ضرب لنا مثلا بالنملة حتى نتعلم منها الإيجابية ، فهى النملة التى كانت حريصة على نجاة قومها من الهلاك بعد أن كاد نبى الله سليمان أن يحطمنهم هو وجنوده وهم لا يشعرون ، إلا أن النملة تحركت على الفور لإنقاذ قومها وجاء السياقى القرأنى يصف هذا المشهد فيقول ( حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ) ليؤكد أن النملة لم تكن سلبية ولم تترك قومها يتعرضون للهلاك بدون قصد من سليمان وجنوده .
3/ هدهد سليمان :
ويأتي الهدهد الذي ضرب المثل الأروع في الأيجابية ، فكان سليمان يتفقد جيشة فرأى ان الهدهد متغيب وسأل عنه وتوعده بالعذاب والقتل إذا لم يأتِ الهدهد بخبر يقين يبرر هذا الغياب ، وبالفعل كان الهدد قد جاء ومعه الخبر الذي يستحق غيابة ، فقد رأى قوما يعبدون الشمس من دون الله فقال كما وصف القرأن هذا المشهد الدرامي ( وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِين ) وانتهت القصة بإسلام ملكة سبأ وقومها وكان ذلك بسبب إيجابية الهدهد.
هناك الكثير من الوسائل المُعينة على الإيجابية والتى إذا استطاع الإنسان الإلتزام فإنه وبلاشك سيكون شخصاً إيجابياً :
1 – التركيز دائما على النجاح :
أن يتعلم الإنسان كيفية التخطيط وإدارة حياتة بشكل صحيح والأيعيش عشوائياً على هامش الحياه فسوف يكون أسعد بل ويجذب الفرص الجديدة لحياته ، والبحث عن الجوانب الإيجابية فى كل موقف تعرض له.. لأنه دائما وأبدا يوجد جانب حسن أو على الأقل شيء ما يتعلمه الشخص حتى لو كان، التعلم من خلال المواقف القاسية وغير السارة.
اتباع التفكير الإيجابي مع التصرف الإيجابي في الوقت نفسه
2- التركيز على النصف الممتلئ من الكوب وليس الجزء الخاوى منه :
أن ترفض الأفكار السلبية والأ تستسلم لها وأن تكون دائم البحث على الصحبة الإيجابية ، قراءة قصص النجاح الأخرى، لتكون دافعا على إيجابية الشخص وإمداده بالأفكار التي تمكنه من أن يسلك الإيجابية في مختلف تفاصيل حياته. يقول علماء النفس( عندما تطلق لخيالك العنان كي ترسم الصورة التي تحبها في حياتك فإنك بذلك تستخدم قوة التفكير الإيجابي في تغيير واقعك الذي لا تريده.)
3- حدد حلمك :
كثيرون يشعرون بالتعاسة في حياتهم لأنهم لا يعرفون ماذا يريدون كما أن تحديد ما تريده أول خطوة على طريق النجاح، وإذا أردت أن تنجز شيئا مهما عليك بالتركيز عليه ولا تدع أي شيء يبعدك عنه. وعليك أن تكرر بينك وبين نفسك ما تريده فهذا التكرار يصنع نوعا من الشعور الإيجابي داخل عقلك الباطن ويجعلك قادرا على فعل ما تريد .
4- كن متفائلاً :
حاول أن تتعلم دروسا في التفاؤل: حاول إيجاد الأمور الإيجابية في الأوضاع السلبية. حاول دائما تقييم تجاربك حتى الفاشل منها على أنها خبرات تضاف لحياتك، وأنها دروس تعلمت منها أن تكون أكثر صلابة ، ففى كل محنة تتعرض لها محنة خفية لكن تدبر الأمر تجد من الدروس المستفادة الكثير .
5- حدد أهدافك بدقة
حدد أهدافا منطقية لحياتك، إذا قمت بتحديد أهداف صعبة جدا فان احتمالات الفشل كبيرة وهذا يؤثر سلبا على نفسيتك. قم بوضع أهداف ممكنة لأنك كلما حققت هدفا زاد ذلك من تفاؤلك. ليس هنا المقصود ألا تتطلع لإنجازات كبيرة، بل أن تقوم بتقسيم أهدافك على مراحل بحيث يصبح تحقيقها يبدو ممكنا.