نشأته وأسرته:
الاسم بالكامل نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا ..من مواليد الحادي عشر من ديسمبر 1911.. في أسرة متوسطة في ميدان بيت القاضي بحي الجمالية بالقاهرة القديمة، قبل انتقاله إلى العباسية عند سن الثامنة تقريبا.

نجيب محفوظ هو اسم مركب أطلقه عليه والده الموظف بالدولة تقديرا للطبيب القبطي الذي ولّده، وقد كانت ولادة متعسرة ..
و هو الأخ الأصغر بعد ست أخوات “4 أخوات وأختين” ..فكان بينه وبين من يكبره نحو 10 سنوات، لذا فقد عومل كطفل وحيد. عندما انتقل إلى حي العباسية تعرف على الكاتب إحسان عبد القدوس والكاتب عبد الحميد جودة السحار, و يروي محفوظ حبه لممارسة كرة القدم في صباه والتي كان يمتاز فيها بالسرعة واللياقة.

دراسته وعمله:
التحق الأديب العالمي نجيب محفوظ بجامعة القاهرة فدرس الفلسفة عام 1930، وحينما أنهى دراسته الجامعية شرع في التحضير لرسالة الماجستير واختارا موضوعا عن “الجمال في الفلسفة الإسلامية” إلا أنه قد غيّر وجهته فقرر عدم إكمالها والتفرغ للعمل الأدبي .

التحق نجيب محفوظ بالسلك الوظيفي الحكومي وتقلد العديد من الوظائف الاتية:

• عمل ككاتبا في إدارة الجامعة منذ تخرجه في 1934 ولمدة 4 اعوام
• سكرتيرا برلمانيا في وزارة الاوقاف في 1938
• عمل كمدير لمؤسسة القرض الحسن بالوزارة نفسها حتى عام 1954
• مديرا لمكتب الإرشاد
• مديرا للرقابة على المصنفات الفنية بوزارة الثقافة
• مديرا عاما لمؤسسة دعم السينما
• مستشارا للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتليفزيون

آخر منصب حكومي شغله نجيب محفوظ آخر منصب حكومي شغله نجيب محفوظ كان رئاسة مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما خلال الفترة من 1966 وحتى 1971, حتى تقاعده ليكون أحد كتاب مؤسسة الأهرام.

و كان للوظيفة الحكومية بطابعها الروتيني فضلا كبيرا على نجيب محفوظ في رأيه، حيث قدمت إليه متسعا من الوقت تكفي للإطلاع والكتابة وترتيب الأفكار، وعلى الجانب الآخر كان سرا من أسرار نجاحه وغزارة انتاجه وفكره الإبداعي المتجدد باستمرار هو تنظيمه للوقت، فكان كل شيء في حياته دقيقا وله توقيت، حتى سيجارته التي كان يدخنها كان يشعلها كل 60 دقيقة.

كما كان يهوى العزف على آلة القانون ويختلي بها في آخر يومه في بيته بالجيزة في متعة روحية خالصة .

أعماله:
تأثر نجيب محفوظ بالأدب الروسي وخاصة دوستويفسكى و تولستوى و تشيخوف، وبدأ كتاباته بداية من منتصف الثلاثينات تقريبا و كان مولعا بكتابات المنفلوطي و العقاد, كما كانت لثورة 1919 أثرا كبيرا في نفس محفوظ حيث شكلت رؤيته السياسية والاجتماعية منذ وقت مبكر.

في عام 1939 نشرت له روايته الاولى “عبث الأقدار” والتي وصف فيها مفاهيمه عن الواقعية التاريخية, فقد تأثر نجيب محفوظ بالتاريخ الفرعوني منذ صباه من خلال رحلاته المدرسية للمزارات الفرعونية التاريخية و الرحلات الأسرية، وقد أضاف كتابات في هذا الجانب من خلال روايات مثل ” كفاح طيبة، رادوبيس”

كما تأثر كثيرا بالحارة المصرية و كتب عنها في أغلب رواياته مثل “زقاق المدق، الحرافيش، حديث الصباح والمساء، أولاد حارتنا، الثلاثية …..” فكان يجد في الحارة أرضا خصبة للتعبير عن أفكاره وآرائه في فلسفة الحياة اليومية، وكان يقضي أوقات كثيرة في جلساته على مقاهي الحسين والقاهرة القديمة فقد كانت تقربه من فئات المجتمع المختلفة وتمنحه فرصة للتأمل في أحوال البشر.

كانت روايات نجيب محفوظ تمثل مرآة للحياة الاجتماعية والسياسية في مصر، وتدوينا لوضعية الإنسان ووجدانه وأفكاره وطموحاته وأحلامه في فترات مختلفة، كما كانت تعكس رؤية المثقفين على اختلاف ميولهم إلى السلطة.

استخدم نجيب محفوظ عدة أساليب ورؤى في كتاباته خلال تاريخه، مابين الرواية الواقعية كما في رواية “القاهرة الجديدة”، والواقعية النفسية كما في رواية “السراب”، كما اتجه إلى الأعمال الرمزية كما في “الشحاذ، أولاد حارتنا”، والواقعية الاجتماعية كما في “بداية ونهاية، الثلاثية”، والفانتازيا في “الحرافيش،ليالي ألف ليلة”…

كما أحب عرض قصة الأجيال من الأديب طه حسين والكاتب عبد الحميد السحار حينما كان يدرس فن الرواية ومن أمثلة قصة الأجيال لدي نجيب محفوظ “الحرافيش _ اولاد حارتنا_حديث الصباح والمساء….”، وقد واستغرقت أول قصة أجيال له تحضير نحو 5 سنوات وكانت عام 1948, و كان قد توقف عن الكتابة لمدة حوالي 6 سنوات عقب انتهائه من الثلاثية وتفرغ لكتابة السيناريو السينمائي، ولكن السينما التفتت لأعماله الروائية والتي تحول معظمها لأفلام، فهو أكثر أجيب عربي تحولت أعماله إلى السينما والتليفزيون.

حياته الأسرية:
تزوج نجيب من السيدة عطية الله إبراهيم، بعد ثورة 1952، والتي كانت تصفه بالزوج والأب المثالي، وقد اخفى خبر زواجه عن المحيطين به رغم أنه تزوج عن حب، متعللا عن عدم زواجه بإنشغاله برعاية والدته و اخته الأرملة وأطفالها، ولم يُعرف عن زواجه إلا بعد نحو عشر سنوات عندما اضطر للذهاب لمدرسة بناته لحل مشكلة ما، فعرف الشاعر صلاح جاهين الذي كان والدا لطالبة من نفس المدرسة حينئذ فانتشر الخبر.

محطة أولاد حارتنا:
في 21 ديسمبر 1950 بدأ نجيب محفوظ نشر “أولاد حارتنا” مسلسلة في جريدة الأهرام، ثم توقف النشر بعدها بأيام بسبب اعتراضات من هيئات دينية تزعم تطاوله على الذات الإلهية، ثم نشرها كرواية كاملة في بيروت عام 1962 في دار الآداب اللبنانية، ثم أعيد نشرها في مصر عام 2006.

و في أكتوبر 1995 طعنه شابان قررا اغتياله لاتهامه بالخروج عن الملة بسبب روايته ولكنه نجى وقد زاره في المشفي الشيخ محمد الغزالي والذي كان ممن طالبوا بمنع نشر رواية أولاد حارتنا وعبد المنعم أبو الفتوح القيادي السابق في حركة الإخوان المسلمين.

جائزة نوبل:
عرف عن نجيب محفوظ عدم ميله للسفر للخارج، لمعاناته لفوبيا الطيران وحبه الشديد لمصر، حتى أنه حين فاز بجائزة نوبل أرسل ابنته السيدة فاطمة لتسلمها، في الثالث عشر من اكتوبر عام 1988 عن روايته “أولاد حارتنا”.
ويُروى عن محفوظ أنه قد قسم قيمة الجائزة بينه وبين زوجته وكريمتيه بالتساوي، ثم تبرع بالجزء الخاص به بالكامل إلى مرضى الفشل الكلوي.

نهايته:
توفى نجيب محفوظ في التاسع والعشرين من أغسطس عام 2006 حيث كان يعاني من مشكلات في الرئة والكليتين, و لكن لم تسجل له نهاية، فحياته مازالت باقية بأعماله وبما أثراه من فن و ادب يتوارثه الأجيال من خلال أكثر من 70 رواية وقصة على مدار أكثر من 40 عاما من الكتابة والإبداع.

من أشهر أقوال نجيب محفوظ: “مصر هي المولد والممشى والمعاش وهي ليست مجرد وطن محدود بحدود ولكنها هي تاريخ الإنسانية كله وإني أحب الإقامة فيها وإرجو إلا أتركها إلا مطرودا أو منفيا”