بطل القادسية وفاتح المدائن ، هكذا كان يُلقب سعد باأبي وقاص رضي الله عنه ، فهو أحد العشرة المُبشرين بالجنة كما أنه خال النبي صلى الله عليه وسلم ،أمه حمنة بنت سفيان بن أمية بنت عم أبي سفيان بن حرب بن أمية. جده أهيب بن عبد مناف، عم السيدة آمنة أم رسول الله.
الموُلِد والنشأة:
ولد سعد بن أبي وقاص في مكة سنة 23 قبل الهجرة واشتغل في بري السهام وصناعة القِسِيّ، وهذا عمل يؤهِّل صاحبه للائتلاف مع الرمي، وحياة الصيد والغزو، وكان يمضي وقته وهو يخالط شباب قريش وساداتهم، ويتعرف على الدنيا عن طريق الحجيج الوافد إلى مكة المكرمة في أيام الحج ومواسمها.
إسلامه:
كان سعد ممن دعاهم أبو بكر للإسلام، فأسلم مُبكراً ، وهو ابن سبع عشرة سنة. وبعد إسلامه تركت أمه الطعام ليعود إلى الكفر، فقال لها: تعلمين والله يا أماه، لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسًا نفسًا، ما تركت ديني هذا لشيء؛ فإن شئت فكلي، وإن شئت لا تأكلي. فحلفتْ ألا تكلمه أبدًا حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب؛ فأنزل الله قوله تعالى “وَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ” سورة العنكبوت.
فتح القادسية:
تولى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مهمة قيادة جيش المسلمين في أصعب مرحلة من مراحل الحرب في بلاد فارس والعراق، فاستطاع بفضل الله أولاً، ثم بكفاءته وقدرته القيادية وتوجيهات أمير المؤمنين وجيشٍ يملؤه الإيمان أن يهزم الفرس هزيمة ساحقة في القادسية.
كان أول قرار صحيح اتخذه سعد أثناء قيادته للجيش هو اختياره لموقع القادسية من أجل المعركة الحاسمة مع الفرس، فقد توافرت في هذا الموقع عده مميزات منها : عزلته عن أهل البلاد الذين لم يكن سعد يشعر بالأمان نحوهم ، وقوع القادسية بين حاجزيْن جغرافييْن (الخندق والعتيق) لحماية قواته ، قرب الموقع من الموارد الحياتية: المياه والطعام؛ مما يضمن له سهولة التأمين الإداري لقوات المسلمين ، عدم وجود حاجز طبيعي يعوق حركة القوات، إذا ما أرادت الانسحاب وإعادة تجميعها لاستئناف القتال ، حصر الفرس عند القتال بحاجز طبيعي (نهر الفرات) .
وقد كان من قراراته الصحيحة أثناء المعركة في ميدان القتال إرسال قوات لحماية النقاط الضعيفة، والتوغل والالتفاف من حول القوات، ثم تحديد بداية المعركة مع موعد الظهر، إذ تكون حدة الشمس قد ارتفعت عن أعين المقاتلين، وكذلك تنظيم عملية القتال الليلية (ليلة الهرير)، التي قررت مصير المعركة الحاسمة.
مناقبه:
بالبحث في كتب السير والتراجم تجد أن تاريخ سعد بن أبي وقاص ناصع كالشمس ومناقبة أكثر من أن تُحصي ، يكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتخر له أمام الناس ويقول ” هذا خالي، فليرني امرؤ خاله ” ولما كان يوم غزوة أُحد قال له النبي ” ارمِ سعد، فداك أبي وأمي ” ، كان سعد بن أبي وقاص مثجاب الدعوة فقد دعا له الرسول فقال: “اللهم سدد رميته، وأجب دعوته”.
وفاته:
كان سعد رضي الله عنه أخر المهاجرين وفاة فكانت وفاته في عهد معاوية بن أبي سفيان سنة خمس وخمسين، وقيل سنة ست وخمسين، وقيل سنة سبع وخمسين ،لما مات حُمل إلى المدينة على رقاب الرجال، وصلّى عليه مروان بن الحكم وهو يومئذ والي المدينة، وكان يوم مات ابن بضع وسبعين سنه .
