عندما ترى قائدأ عظيماً حقق إنجازات على كل الأصعدة لابد أن لهذا القائد رجالاً ليسوا كأي رجال ، والنبي صلى الله عليه وسلم جعل الله حولة عُصبة من خيار الناس هم الصحابة، ولذلك صدق إيميل دور كايم الفيلسوف الفرنسي عندما قال " إن معجزة محمد في رجاله " ومن هولاء العظماء وبين رجال هذا الجيل الفريد من الصحابة نتحدث عن " علي بن أبي طالب".
الموُلِد والنشأة:
علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، ولد بمكة يوم الجمعة الثالث عشر من رجب بعد ثلاثين عامًا من عام الفيلوهو أصغر ولد أبيه أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم أحد سادات قريش والمسؤول عن السقاية فيها. ويرجع نسبه إلى النبي إسماعيل بن إبراهيم . وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، التي قيل أنها أول هاشمية تلد لهاشمي، وكان والده علي قد كفل النبي حين توفي والداه وجده وهو صغير فتربى ونشأ في بيتهما .
إسلامه:
أسلم علي بن أبى طالب وهو صغير السن بعد أن عرض النبي محمد، الإسلام على أقاربه من بني هاشم، تنفيذا لما جاء في القرآن " وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ " وبهذا أصبح علي أول من أسلم من الصبيان ، كما أنه أول من صلى مع النبي وزوجته خديجة بعد الإسلام .
أقوال الصحابة والتابعين فيه:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا حدثنا ثقة عن عليّ بفُتيا، لا نعدوها
- أخرج ابن عساكر عن ابن عباس أيضًا قوله: ما نزل في أحدٍ من كتاب الله تعالى ما نزل في عليٍّ
وعن أبي ذر قال: ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله، والتخلف عن الصلوات، والبغض لعليٍّ بن أبي طالب
- ولما جاء خبر قتل عليٍّ إلى معاوية أخذ يبكي، فقالت امرأته: ما يبكيك وقد قاتلته؟ فقال: ويحك، إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والعلم والفقه ؟
وقال سعيد بن المسيب رحمه الله: ما كان أحد بعد رسول الله أعلم من عليٍّ بن أبي طالب
زواج علي من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كان عليّ يريد الزواج من السيدة فاطمة بنت رسول الله ، ولكن ضيق ذات اليد منعه أن يخطبها، ويتزوجها، حتى قال عليً خُطبت فاطمة إلى رسول الله فقالت مولاة لي: هل علمت أن فاطمة قد خُطبت إلى رسول الله ؟ قلت: لا. قالت: فقد خطبت، فما يمنعك أن تأتي رسول الله فيزوجك؟ فقلت: وعندي شيء أتزوج به؟ فقالت: إنك إن جئت رسول الله r زوجك. قال: فوالله ما زالت ترجّيني حتى دخلت على رسول الله .
دخل عليّ على رسول الله يريد أن يخطب فاطمة، فقعد بين يديه، لكنه لم يستطع الكلام لهيبته صلى الله عليه وسلم ، فقال: مَا جَاءَ بِكَ؟ أَلَكَ حَاجَةٌ؟ فسكت. فقال عليه الصلاة والسلام: لَعَلَّكَ جِئْتَ تَخْطِبُ فَاطِمَةَ. فقال: نعم. قال: وَهَلْ عِنْدَكَ مَنْ شَيْءٍ تَسْتَحِلُّهَا بِهِ؟ فقال: لا والله يا رسول الله. فقال: مَا فَعَلْتَ بِالدِّرْعِ الَّتِي سَلَّحْتكَهَا؟ فقال: عندي، والذي نفس عليٍّ بيده إنها لحطيمة ما ثمنها أربعمائة درهم. قال: قَدْ زَوَّجْتُكَ فَابْعَثْ بِهَا. فإن كانت لصداق فاطمة بنت رسول الله .
التضحية بنفسة ليلة الهجرة:
طلب النبي محمد من علي بن أبي طالب أن يبيت في فراشه بدلا منه ويتغطى ببرده الأخضر ، بعدما علم بعزم المشركين على قتله حال خروجة من البيت في ليلة الهجرة ، وبالفعل ضحى علىً بنفسه ونام في فراش النبي وبذلك أحبط مُخطط المشركين .
إسهاماته في عهد النبي:
كان عليا موضع ثقة الرسول محمد، فكان أحد كتاب القرآن أو كتاب الوحي الذين يدونون القرآن في حياة النبي محمد. وكان أحد سفرائه الذين يحملون الرسائل ويدعون القبائل للإسلام، واستشاره محمد في الكثير من الأمور مثلما استشاره في ما يعرف بحادثة الإفك، شهد بيعة الرضوان وأمره النبي حينها بتدوين وثيقة صلح الحديبية وأشهده عليه.
شهد علي جميع المعارك مع الرسول محمد إلا غزوة تبوك، التي خلفه فيها على المدينة وعلى عياله بعده وقال له " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " ، عرف علي بن أبي طالب ببراعته وقوته في القتال، وقد تجلى هذا في غزوات الرسول؛ ففي غزوة بدر، هزم عليً الوليد بن عتبة، وقتل ما يزيد عن 20 من المشركين ، وفي غزوة أحد قتل طلحة بن عبد العزى حامل لواء قريش في المعركة ، وكان لعلي سيف شهير أعطاه له محمد في غزوة أحد عرف باسم ذو الفقار، كما أهداه النبي درعاً عرفت بالحطمية ويقال أنها سميت بهذا الاسم لكثرة السيوف التي تحطمت عليها .
تولى الصحابي الجليل عليً بن أبي طالب الخلافة بعد مقتل عثمان بن عفان ، وقد حدثت في عهده أحداث عظيمة وأُريقت دماء كثيرة مما جعلها فترة عصيبة في تاريخ الأمة ، مع ظهور فرقة الخوارج وحدوث موقعة الجمل وإختلاف سادات الصحابة ، هذه الأحداث سنفرد لها مقالأ أخر إن شاء الله .
