واحد من أعظم الشخصيات في التاريخ الإسلامي ، ولما لا وهو الذى إستطاع وقف الزحف التتري بعدما عصف بكل الدول الإسلامية حتى وصل إلى مصر فكانت نهايته على يد هذا القائد الجسور سيف الدين قطز الذى هزم التتار وحرر بيت المقدس وبطل معركة عين جالوت.
الموُلد والنشأة:
وٌلد سيف الدين قطز في أسرة مليكة بمملكة خوارزم شته ببلاد فارس، 1231 م ثم خطف بعد القضاء على الدولة الخوارزمية على يد التتار إلى دمشق ومعه الكثير من أقرانه، واسمه الأصلي محمود بن ممدود بن خوارزم شاه إلا أن التتار هم من اطلقوا لقب قطز عليه لقوة بأسه وصلابته فكان سيف الدين قطز.
ويعود نسب سيف الدين قطز إلى الأمير ممدود الخوارزمي ابن عم السلطان خوارزم شاه سلطان الدولة الخوارزمية أى أن قطر قد نشأ نشأة الملوك والأمراء، وتدرب على فنون القتال وتعلم اللغة العربية وحفظ القران الكريم ودرس مبادئ الفقة الإسلامي والحديث.
قطز في مصر:
لما دارت الدائرة على الدولة الخوارزمية، أًسر سيف الدين قطز وبيع إلى أحد أثرياء الشام والذى كان ذو قربة من الشيخ العز بن عبد السلام، ولما برز نجم الصالح نجم الدين أيوب عندما قرر جهاد الصليبيين كان قطز ضمن الجيش المصري الذى حارب الصليبيين، ثم طلب قطر من سيده أن يبيعه إلى السلطان نجم الدين أيوب ووافق سيده، ولما إنتقل إلى كنف نجم الدين أيوب أرسله ليكون تحت رعاية الأمير عز الدين أيبك وهو من أمراء المماليك.
ترقى قطز سريعا في المناصب العسكرية لما يتمتع به من مهارة قتالية عالية حتى صار المساعد الاول للأمير عز الدين أيبك، وجاء إلى مصر ليشارك في صفوف الجيش المصري ضمن المماليك البحرية، وشارك فى صد الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع وأبلى فيها بلاء حسناً.
وصول قطز إلى سدة الحكم:
تسارعت الأحداث وتتطورت الامور حتى تولى عز الدين أيبك مقاليد الحكم بعد قتل توران شاه على يد أمراء المماليك وتزوج شجرة الدر وأصبح أيبك سلطان مصر، وبصعود أيبك صعد معه سيف الدين قطز وصار نائباً للسلطنة، ثم دبً الخلاف بين أيبك وشجرة الدر حتى قتلته ولكن سرعان ما تم إكتشاف أمرها وقُتلت في الحال.
بقتل أيبك وشجرة الدر أصبح منصب السلطنة فارغاً، حيث كان نور الدين على ابن عز الدين أيبك صغيراً ولا يصلح للحكم، فتولى قطز أمور البلاد فعلياً وكان نور الدين الطفل الصغير يلهو فى حدائق القصر، وظل هذا الوضع قائماً ثلاث سنوات، حتى دقت طبول الحرب وبات العدو التتري على أبواب مصر، ولم يكن بيد السلطان الصغير نور الدين علي فعل شئ لاسيما مع وصول أخبار تؤكد وحشية التتار، فاستغل سيف الدين قطز الموقف وعزل السلطان الصغير ونصًب نفسه حاكم للبلاد حتى يمكنه مواجهة الخطر التتري.
قطز وقتل رسل التتار:
أرسل التتار ثلاثة رسل مطالبين قطر بتسليم البلاد وإلا الدمار والهلاك فما كان من قطز إلا أن قتل الثلاثة رسل وعلق رقابهم على باب زويلة بالقاهرة، الأمر الذى ادى رفع الروح المعنوية ليس فقط للجنود ولكن لجموع الشعب المصري، وأخذ بتجهيز الجيش المصري وجمع المال والذهب من الأمراء والأعيان وفرض الضرائب حتى إستطاع وضع الجيش المصري فى موطن قوة وثبات.
عقد التحالفات والمعاهدات:
أدرك قطز ان قوة الجيش المصري لا تكفي ولذلك أرسل إلى المماليك البحرية بالعودة إلى مصر بعد أت تم خروجهم بعد قتل أيبك، كذلك عقد معاهدة مع الصليبيين فى عكا لتجنب المواجهة من طرفين وبذلك تمكن قطر من تأمين الجبهة الداخلية والخارجية ليتفرغ لملاقاة التتار.
التخطيط للحرب:
أرسل قطر بيبرس في مُقدمة الجيش المُتوجهة لحرب التتار وأبقى قوة الجيش الرئيسية تتأخر شيئاً وذلك حتى يظن التتار أن قوة بيبرس هى فقط قوة الجيش للمصري، لما حمى الوطيس وفوجئ التتار بالمدد الإضافي حيث وصل قطز على رأس الجيش داعماً لبيبرس وتم مُحاصرة التتار وانهال الجيش المصري عليهم فأخذوا في الفرار والرهوب من المعركة، لاسيما بعد مقتل قائدهم هولاكو.
إغتيال قطز:
بعد عودة قطز مُنتصرأ، دب الخلاف بينه وبين بيبرس وتعمق الخلاف بدخول الدسائس بينهم فتم قتل قطز.
لاشك أن المتأمل في شخصية المُظفر سيف الدين قطز يجد أنها شخصية جديرة بالتقدير ونموذج للحاكم السلم المُجاهد والذي يسعى لمجد الإسلام وعزته، حتى قال عنه الأمام الذهبي " السلطان الشهيد.. كان فارسًا شجاعًا، سائسًا، دينًا، محببا إلى الرعية، هزم التتار وطهر الشام منهم يوم عين جالوت، ويسلم له إن شاء الله جهاده، وكان شابا أشقر، وافر اللحية، تام الشكل، وله اليد البيضاء في جهاد التتار، فعوض الله شبابه بالجنة ورضي عنه "، وقال عنه ابن كثير " كان شجاعًا بطلًا، كثير الخير، ناصحًا للإسلام وأهله، وكان الناس يحبونه ويدعون له كثيرًا ".
