شيخ القرأه وصاحب الحنجرة الذهبية، فضيلة الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد سليم داود ، أحد أشهر قراء مصر والذي ذاع صيته وشهرته كل أرجاء العالم، صوته المُميز يجعلك تقف حائراً بين عذوبة الصوت وجمال التلاوة ودقة الإتقان المُحكم لقواعد التلاوة، يمكن لقلبك أن يرتجف كالعصفور المُبلل عند سماع أية عذاب ، وربما تستمتع بالجنة وما فيها وأنت في الدنيا من خلال إختراق صوت الشيخ جدران قلبك بأية عن نعيم الجنة وحال أهلها. نحاول بين جنبات هذه السطور إستعراض موجز لسيرة ومسيرة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.
الفهرس
- المُولد والنشأة
- الإلتحاق بالإذاعة المصرية
- الشيخ عبد الباسط في الحرم المكي
- زيارات وجولات
- جوائز وأوسمة
- وفاته
المُولد والنشأة:
ولد الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد عام 1927 بقرية المراعزة التابعة لمدينة ومركز أرمنت بمحافظة قنا بجنوب الصعيد ، نشأ الشيخ في أسرة قرأنية بامتياز فالجد الشيخ عبد الصمد كان من الحفظة المشهود لهم بالتمكن من حفظ القرآن وتجويده بالأحكام، والوالد هو الشيخ محمد عبد الصمد، كان أحد المجودين المجيدين للقرآن حفظًا وتجويدًا .
التحق الشيخ عبد الباسط بكتًاب القرية فاستقبله شيخه أحسن إستقبال لما رأى فيه من علامات النبوغ وقة الحفظ وحلاوة الصوت ودقة التحكم في مخارج الألفاظ والوقف والابتداء .
الإلتحاق بالإذاعة المصرية:
كان الشيخ عبد الباسط في ليلة قرأنية بالمولد الزينبي ، فقام الشيخ الضباع بتسجيل التلاوة له وقدمها إلى الإذاعة المصرية ، فأبدت الإذاعة إعجابها الشديد بصوت الشيخ عبد الباسط وصوته وأداهة المُحكم المُتقن ، وبالفعل تم إعتماد الشيخ عبد الباسط قارئاً بالإذاعة المصرية عام 1951م .مع دخول الإذاعة زادات شهرة الشيخ ، فكان لزاماً عليه أن ينتقل إلى القاهرة بأسرتة التي أخذ لها مسكن في حي السيدة زينب .
زاد جمهور الإذاعة المصرية ولاسيما برنامج ” البرنامج العام ” حيث كان الشيخ يقرأ فية من الثامنة إلى الثامنة والنصف مساء كل سبت ، كما زادات مبيعات أجهزة الراديو وشهدت إقبالاً كبيراً لرغبة الناس في سماع الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله .
الشيخ عبد الباسط في الحرم المكي:
كان الشيخ عبد الباسط في زيارة لبيت الله الحرام ، وكان شيخ الحرم المكي وقتها يقرأ برواية ورش عن نافع فقرأ في الركعة الأولى ” وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا ” وفي الركعة الثانية قرأ ” إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا ” فلما إنتهى من صلاته توجه إليه الشيخ عبد الباسط ليصحح له ما وقع فيه من سهو فقال أن الايه في الركعة الأولى تُقرأ ” وقال لهم نبيئهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا ” وفي الركعة الثانية تُقرأ ” ” إن ناشئة الليل هي أشد وطائا وأقوم قيلا ” فأقرة الشيخ على هذا السهو وطلب منه أن يبقى معهم في الحرم المكي .
زيارات وجولات:
كان إسم الشيخ عبد الباسط عبد الصمد غني عن التعريف وكان صوته يبلغ أقصى البلاد ، فلم تخل دولة وإلا وقد سمع اهلها عن الشيخ وصوته ، فصار الشيخ يجوب بصوته الدول ويخترق قلوب الناس ، كانت أول زيارته إلى المملكة العربية السعودية لإداء فريضة الحج مع والدهواعتبر السعوديون هذه الزيارة مهيأة من قبل الله فهي فرصة يجب أن تجنى منها الثمار، فطلبوا منه أن يسجل عدة تسجيلات للمملكة لتذاع عبر موجات الإذاعة. لم يتردد الشيخ عبد الباسط وقام بتسجيل عدة تلاوات للمملكة العربية السعودية أشهرها التي سجلت بالحرم المكي والمسجد النبوي الشريف، (لقب بعدها بصوت مكة) .
في باكستان كان في إستقبالة الرئيس الباكستاني في أرض المطار ، وفي العاصمة الأندوناسية جاكترا قرأ القرآن الكريم بأكبر مساجدها فامتلأت جنبات المسجد بالحاضرين وامتد المجلس خارج المسجد لمسافة كيلو متر مربع فامتلأ الميدان المقابل للمسجد بأكثر من ربع مليون مسلم يستمعون إليه وقوفا على الأقدام حتى مطلع الفجر .
ولما زار دولة جنوب إفريقيا أرسلت إلية الحكومة وقتها فريق إعلامى من رجال الصحافة والإذاعة والتليفزيون لإجراء لقاءات معه ، كما زار دولة الهند لإحياء احتفال ديني كبير أقامه أحد الأغنياء المسلمين هناك. فوجئ الشيخ عبد الباسط بجميع الحاضرين يخلعون الأحذية ويقفون على الأرض وقد حنّوا رؤوسهم إلى أسفل ينظرون محل السجود وأعينهم تفيض من الدمع يبكون إلى أن انتهى من التلاوة وعيناه تذرفان الدمع تأثراً بهذا الموقف الخاشع .
ومن المساجد الشهيرة التي تردد فيها صوت الشيخ عبد الباسط ، المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف ، والمسجد الأقصى بفلسطين والمسجد الأموي الكبير بدمشق، بالإضافة إلى أشهر المساجد بالولايات المُتحدة وفرنسا وإنجلترا .
جوائز وأوسمة:
يُعد الشيخ عبد الباسط عبد الصمد من أكثر قراء مصر حصولاً على الجوائز والأوسمة وأكثرهم تكريماً في المحافل المحلية والدولية ، فقد حصل على وسام الإستحقاق من الرئيس السابق حسني مبارك في الأحتفال بيوم الدعاه عام 1987 ، وكذلك وسام من رئيس ورزاء سوريا 1959م ، ووسام من رئيس حكومة ماليزيا 1965م ، ووسام الإستحقاق من الرئيس السنغالي 1975 ، والوسام الذهبي من باكستان 1980م ، ومن لبنان وسام الأرز ، وفي العيد الخمسين للإذاعة المصرية تم تكريم الشيخ عبد الباسط .
وفاته:
بعد هذه الحياة الطويلة المليئة بالكفاح والترحال ، تكالب مرضي الإلتهاب الكبدي والسكري على اليخ عبد الباسط وحاول التدواي بمصر لكن حالته كانت سيئة فنحصة الأطباء بالسفر إلى لندن مكث بها أسبوعاً ولكن قرر العودة سريعاً إلى مصر ، وفي 30 نوفمبر 1988 إنتقلت الروح إلى ربها ، وأقيمت جنازة تاريخية حضر فيها سفراء دول العالم .
إن سيرة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد لا تزال تتجدد في عقول الناس على مر الزمن من الاجداد إلى الأحفاد ، ولن ينسى التاريخ ما قدمه الشيخ من خدمة لكتاب الله ودينه من خلال صوته العذب ، ويتناقل صوت الشيخ من جيل إلى أخر يستمتعون بجمال الصوت .
