قائد المقاومة الريفية ضد الاستعمار الفرنسي، والاسباني، لدولة المغرب، وهو رجل سياسي وقائد عسكري من مدينة أجادير، بالمغرب، ولد سنة 1882، وتوفي عام 1963، بعد أن قضى عمره في الجهاد والحروب والمحافظة على راية الإسلام مرفوعة عاليا،وهو أول من أطلق لقب المغرب الشرقي بعد تأسيسه للجنة تحرير المغرب الغربي، وكانت أهدافها موضحة في هذا البيان الذي أصدره الأمير محمد الخطابي في عام 1947، وكان نصه "جمع شمل كافة القوى والأحزاب الوطنية المناضلة في سبيل استقلال المغرب وتونس والجزائر، وإرساء أسس الوحدة الوطنية المغربية التي تنادي بالإسلام والاستقلال التام وترفض أي مساومة مع المستعمر الأجنبي".

نشأته:
ولد الأمير محمد بن عبدالكريم الخطابي في مدينة أجادير  في 1882 م، وينتمي إلى قبيلة بني ورياغل، وكان والده الشيخ عبدالكريم الخطابي قاضي القبيلة، وكان تشتهر عائلة الخطابي بالمكانة السياسية والعلمية لرجالها، وكانوا يشغلون المناصب القيادية والقضائية في الريف الأوسط والغربي.

تعلم محمد حفظ القرءان الكريم، والتعاليم الدينية، ثم انتقل للدراسة  في مدينة تطوان، ثم مدينة بلقاس في مدرسة العطارين، وبعدها نال شهادة البكالوريا الأسبانية من مدينة مليلية، وأكمل الدراسة بعد ذلك في جامعة القرويين، بمدينة بفاس، وكان من بعض أساتذته من علماء الدين عبدالصمد بن التهامي، محمد بن التهامي، ومحمد الكتاني، تم تكليف الأمير محمد الخطابي ببعثة إلى السلطان عبدالعزيز سنة 1908، ليبين له دعم قبيلته بني ورياغل في محاربة الجيلالي بن ادريس الزرهوني بوحمارة الذي كان مواليا للقوة الاستعمارية الفرنسية والإسبانية، ثم ختم دراسته لبجامعية في أسبانيا، بمدينة سلمنقة بدراسته للقانون الأسباني هناك لمدة 3 سنين.

حياته المهنية:
رجع محمد الخطابي إلى مدينة مليلية، وهناك اشتغل بالتدريس للمسلمين في الفترة مابين 1907 - 1913، وبسبب إتقانه لثلاث لغات وهي الأسبانية، العربية، والأمازيغية اشتغل في الترجمة وكاتب بالإدارة المركزية للشئون الأهلية في المدينة، وذلك في عام 1910، وفي نفس الوقت اشتغل صحفي في يومية تيليغراما ديل ريف الصادرة باللغة الأسبانية،  حيث كان له عمود خاص به باللغة العربية، ثم عين قاضيا في عام 1913، ثم قاضي القضاة في عام 1914، وذلك كان بأمر المقيم العام الأسباني وكان سنه وقتها 32 سنة، وعين أيضا مدرس بأكاديمية اللغتين العربية والريفية بمدرسة الشئون الأهلية.

كان محمد الخطابي مؤمنا وراضيا بالعيش السلمي مع الاستعمار، وكانت له مكانة عالية ومحترمة جدا عند السلطات الاستعمارية، وذلك يظهر في المناصب الذي شغلها الأمير محمد الخطابي في سلك التعليم، والقضاء، وأيضا كانت الكتابات والمقالات الصحفية التي يكتبها ذات ايجابية جيدة لجعل أسبانيا تفتح مدارس تعليمية لصالح الساكنة المليلية المسلمة، وأيضا قام بتقديم طلب للحصول على الجنسية الأسبانية مرتين، ولكنه لم ينجح في ذلك، ولكن بسبب شيئين حدثا له جعلت محمد الخطابي يبدأ في عالم السياسة وتجعل العلاقات المغربية والإسبانية والفرنسية تتأثر وتتغير وهما:

  • عام 1915، تم سجن محمد الخطابي لتعاطفه مع ألمانيا في فترة الحرب العالمية الأولى، وذلك كان بتوصية من السلطات الفرنسية، والتي كان يمتد نفوذها إلى شمال المغرب، وكان سبب سحنه هو الصاقه تهمة التخابر مع ألمانيا، وتم سجن محمد الخطابي في سجن روسطروغوردو بمليلية، وقام بمحاولة الهروب من السجن مرات عديدة، ولكنه لم يستطع وفي محاولة منهم نجح في مرة في صنع حبل من قماش السرير ولكنه لم يصل حتى الأرض فقفز منه وانكسرت رجله ودخل في حالة إغماء قبل أن يجده حراس السجن ويعيدوه إليه مرة أخرى، وظل في السجن إحدى عشرة شهرا قبل أن يطلق سراحه، ويعود ثانية لمزاولة مهنة القضاء.
  • ثاني الأسباب وأهمها وهو انتقال قوات الاستعمار الأسباني إلى مناطق التغلغل العميق في شمال المغرب، وقامت بتكثيف التواجد العسكري في المغرب من خلال نشر أكثر من 63 ألف عسكري وزيادة عدد المواقع العسكرية على امتداد شمال المغرب، كل ذلك كان بعد نهاية الحرب العالمية الأولى مباشرة، مافعلته أسبانيا أغضب شيوخ القبائل واولهم الشيخ عبدالكريم الخطابي والده والتي كانت على الحياد معهم وعارضوهم بشدة، ونادوا بالمساواة وتنفيذ نظام فرنسا في المناطق المسيطرة عليها وهو مايعرف بنظام الحماية، ومواءمة البنية الاستعمارية الموجودة في المغرب بطريقة فرنسا.

تعقد المشهد السياسي في الريف كثيرا في تلك المرحلة، وتنافست فرنسا، أسبانيا، وألمانيا في العمل المخابراتي، وكسب تأييد القبائل الريفية المغربية. لصالح احد القوى التي الاستعمارية الثلاثة.

تولدت لدى محمد الخطابي في هذه الفترة إحساس بالاضطهاد السياسي، والاجتماعي، الذي كان يزرعه الاستعمار عند أبناء المغرب، وذلك مادفعه لصنع علاقات مع معارضين الوجود الاستعماري في المغرب، فتحولت العلاقة بين آل الخطابي، والإدارة الإسبانية من الرضا والحياد، إلى المقاطعة، وبدأ والد  محمد الخطابي في تكوين مقاومة من الريف سنة 1920، بمساعدة محمد،وابنه الآخر، وتفاقمت الأمور بعد تولي الجنرال سيلفيستري الحاكم العسكري في المغرب لإسبانيا، بسبب القرارات الدبلوماسية، والسياسية التي أصدرها.

الحركة الثورية، والعمل المسلح:
ذكر الأمير محمد بن عبدالكريم الخطابي في مذكراته أن قيام الإدارة الأسبانية بمضايقات بني ورياغل، واعتقال العديد وترويج إشاعات انبطاح والده أمام السلطة الاستعمارية، كان المحرك الأول للثورة الريفية بقيادة الشيخ عبدالكريم الخطابي، فشرع في تكوين جيش، فبعث في الأسواق والمساجد، وقام بتجميع مائتي مقاتل من أبناء الريف، وذهب لحصار تفريست، سنة 1920، وبقي محمد وأخيه في أجدير لتنظيم الصورة والإعداد لها، حاصر الشيخ عبدالكريم هذه النقطة الاستراتيجية لمدة 22 يوما، ثم توفى وترك قيادة الجيش لمحمد الطحان.

قام الجنرال سيلفيستري بالتقدم في طريق نقطة تفرسيت، وعرضت السلطة الاستعمارية في نفس الوقت على محمد الخطابي بأن يسمح للاسبان التوغل في الريف مقابل تجهيز جيش ريفي يحارب فرنسا صفا إلى صف مع أسبانيا،  وأن يعطوه مبلغ عشرين مليون، ولكنه رفض هذا العرض، وفي المقابل استمر سيلفيستري في التوغل  كي يصل إلى خليج الحسيمة، واستطاع إنشاء أكثر من مائة نقطة مراقبة عسكرية، ولكن قام محمد الخطابي بمهاجمة نقطة دهار اوباران الاستراتيجية في الأول من يونيو 1921، برفقة ثلاثمائة مقاتل على فجأة، وأسفر ذلك الهجوم عن مقتل نصف القوات الأسبانية الموجودة هناك، وتركوا غنيمة من المعدات الحربية، والمدفعية، ثم ذهبت قوات الريف وتوافدت على مركز قيادة الثوار الواقع في تمسمان، وزاد عدد المقاتلين في الجيش الريفي إلى 1000 مقاتل معظمهم من بني ورياغل، وبني توزين، ثم انتصر جيش الخطابي ثانية في سيدي بيبان الواقعة شمال غرب أنوال، وخسر الإسبان 314 جنديا هناك.

تجمعت القوات الأسبانية في أنوال ، وبدأوا فى تأمين المواقع التابعة لها عبر حاميات في المناطق الجبلية، وفي المقابل توحدت قبائل الريف شمال المغرب بني ورياغل، تمسمان، بني توزين، بقيوة، وباقي القبائل الأخرى، وأطلقوا على هذا التجمع مجلس القبائل، واتجهوا بقوتهم تجاه الاحتلال الأسباني الذي سيطر على معظم القبائل القريبة من منطقة مليلية، ووصلوا إلى تمسمان، وأنوال، وهناك دارت معركة أنوال في مايو 1921، والتي هزم فيها الأسبان  أمام جيش المقاومة، والحرية، وعزيمة القبائل الريفية التي تجمعت وثارت أمام قوات الاحتلال، وكان الجنرال سيلفيستري قد وعد الملك الفونسو 13 أنه سيهزم محمد الخطابي، وسيشرب الشاي في بيت عبدالكريم الخطابي، ولكن الملك غضب جدا منه عندما أرغم هو وجنوده على أن يشربوا البول بعد أن حاصرهم محمد الخطابي.

تأسيس جمهورية الريف:
قام محمد الخطابي بتأسيس جمهورية أسماها الجمهورية الاتحادية لقبائل الريف، في 18 سبتمبر لعام 1921، وكان لها دستور، وبرلمان، وقاموا سكانها بالاستقلال عن الحماية الأسبانية للمغرب.

أعلنت أجادير العاصمة، وعملتها الريفن، والعيد الوطني لها هو يوم الاستقلال، وعدد سكانها وقتها حوالي 18350 نسمة، كان محمد الخطابي يشغل منصب رئيس الدولة، ورئيس الوزراء، ثم قام بتعيين الحاج الحاتمي رئيسا للوزراء، في الفترة من يوليو 1923، وحتى 27 مايو 1926، يوم حل الجمهورية من قبل قوة مشتركة فرنسية واسبانية وصل عددها إلى نصف مليون مقاتل، وقاموا باستخدام الأسلحة الكيماوية.

سقوط جمهورية الريف ومابعدها:
قامت فرنسا وإسبانيا بعد سقوط الجمهورية بشن حملة تحت قيادة المارشال الريفي أمزيان الذي كان يحفظ المنطقة الريفية بكامل تفاصيلها وجغرافيتها والتكتيكات العسكرية الخاصة بجيش الريف لأنه كان واحدا منهم، وذلك جعله له الكلمة العليا في شن حملة على القبائل الريفية المقاومة للاحتلال الأسباني، استعملوا فيها الأسلحة الكيماوية، مثل غاز الخردل الذي قامت الطائرات الأسبانية بالقاؤه ، وقاموا بحصار الأمير محمد الخطابي وشددوا عليه الخناق مما جعل الخطابي يضطر إلى تسليم نفسه بعد قصف الأهالي.

اقتحم  محمد الخطابي ممتطيا جواده إحدى الثكنات العسكرية الفرنسية مسلما نفسه لهم، فقرر الفرنسيون نفيه إلى جزيرة لارينيون، ولكن قام بعض المجاهدين العرب في اليمن بإرسال برقية سرية لأمين جامعة الدول العربية عبدالرحمن عزام باشا، بترحيل شيخنا الفاضل مكبلا على سفينة في طريقها إلى فرنسا وستمر بميناء بورسعيد غدا، ذهب عزام باشا إلى الملك فاروق، وأخبره بما قرأه فأمر الملك الضباط باعتراض تلك السفينة، واحضروه إلى القصر وعرف نفسه في شموخ لم ينكسر طوال عشرون عاما، واستقر محمد الخطابي في مصر بقية حياته.

قام محمد الخطابي بعدها بالمناداة باستقلال المغرب من الحماية الأسبانية والفرنسية، وقام بمساندة الحركات الثورية في كل من الجزائر، تونس، ليبيا، وباقي الدول العربية بمساعدة إذاعة صوت العرب، ولم يرضى بأي مقابل مادي مقابل أعماله ضد الاستعمار والمناداة بالحرية.

توفى الأمير محمد بن عبدالكريم الخطابي في يوم السادس من فبراير عام 1963، عن عمر يناهز 81 عاما قضى معظمها في محاربة الاحتلال الأسباني، والفرنسي لدولة المغرب، وأصبح بطلا قوميا في بلده بعد تحريرها، ودفن بمقابر الشهداء في القاهرة

 

مقالات متعلقة بـ : الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي

ألبرت آينشتاين‎

ألبرت آينشتاين‎

أبو علي بن الحسن بن الهيثم‎

أبو علي بن الحسن بن الهيثم‎

الثقافة والتعليم .. علاقة تكامل أم تنافر‎

الثقافة والتعليم .. علاقة تكامل أم تنافر‎

مفهوم الثقافة والتعليم‎

مفهوم الثقافة والتعليم‎

سمات التعليم فى مجتمعات مختلفة‎

سمات التعليم فى مجتمعات مختلفة‎

من هي ملالا يوسف زاي؟‎

من هي ملالا يوسف زاي؟‎

أفضل الجامعات في العالم‎

أفضل الجامعات في العالم‎

من هو أحمد زويل؟‎

من هو أحمد زويل؟‎

من أرنستو تشي جيفارا‎

من أرنستو تشي جيفارا‎

تصفح المزيد